يومياً نسمع بطموح الشركات في تحقيق الإنجاز المطلوب وهو الاستغناء عن الوقود والتحول كلياً للطاقات المتجددة، ومحض أنظار العالم اليوم التوجه للطاقة الشمسية من توليد كهرباء وتشغيل سيارات عليها، ولكن المفاجئ أن حتى شركات الطيران أصبحت تسعى لدخول السباق في الاعتماد على الطاقة الشمسية.
ظهرت في شهر آب/ أغسطس عام 2021 أخبار تفيد بأن البحرية الأمريكية كانت تعمل مع شركة طيران أمريكية-إسبانية تسمى Skydweller Aero على صنع طائرة دون طيار تسمى Skydweller Aero أيضاً.
وقيل إنها سوف تكون قادرة على البقاء في الجو تسعين يوماً دون الحاجة إلى الهبوط، وذلك بفضل شرائط كبيرة من ألواح الطاقة الشمسية على جناحيها، وانشغلت الشركة منذ ذلك الحين في جمع التمويل اللازم لطائرتها المبتكرة.
وفقاً لتصريح صحفي من الشركة، قُدم لها في شهر أبريل الماضي عقد بقيمة 14 مليون دولاراً من وحدة الابتكار الدفاعي (DIU) مشاركةً مع البحرية الأمريكية، بهدف تحسين التقنيات وتوحيدها دعماً لتطوير Skydweller Aero.
قال المدير التنفيذي حينها الدكتور روبرت ميلر: «إن تطوير طائرة دائمة التحليق لحل مشكلات الاستشعار والمراقبة المستقبلية للحكومة أمر مهم للأمن الوطني، سيسرع هذا التعاون تطوير منصتنا، ما يقدم حلاً عملياً خالياً من الكربون، يوسع على نحو كبير نطاق المهمات التي تستطيع الطائرة أداءها».
وأضاف: «يسمح هذا العقد للشركة بمتابعة دعم وزارة الدفاع عبر التطرق للاحتياجات الحالية للقيادات المقاتلة، وإنشاء أنظمة جوية عسكرية دون طيار قادرة على العمل بأمان وكفاءة، وذات قدرة تحمل عالية في كثير من الظروف المناخية المتغيرة».
قال ميلر في مقابلة مع قناة سي إن: «إن الطائرة قد تستطيع البقاء في الجو سنة كاملة والعمل بمثابة أول «شبه قمر صناعي» عملي من الناحية التجارية».
وأوضح ميلر: «شبه القمر الصناعي هو فعلياً طائرة تبقى محلقة إلى أجل غير مسمى»، وهذا يعني 30 أو 60 أو 90 يوماً وربما سنة، وبذلك فهي تستطيع فعل أي شيء يستطيع القمر الصناعي فعله».
إن الطائرة قادرة على العودة إلى الأرض متى أراد مشغلوها ذلك، لذا لن تسبب مشكلات مع المخلفات الفضائية التي تواجهها معظم الأقمار الصناعية اليوم.
وقد صمم ميلر وفريقه الطائرة لتكون قادرة على الطيران الآلي، مثل: طائرات الدرون (الطائرات المُسيَّرة)، ما يجعل وجود الطيار احتياطاً لا ضرورة، ويأمل ميلر أن يكون إطلاق الطائرة ممكناً في عام 2023.
ستكون الطائرة فور إطلاقها قادرةً على القيام بمهمات عديدة ذات فوائد بيئية، مثل: مراقبة استهلاك الموارد الطبيعية والاستجابة للكوارث.
تسير مملكة المغرب بخطوات ثابتة في مجال صناعة الطيران، حيث تمكنت مؤخراً من الالتحاق بنادي الدول المصنعة للطائرات الخاصة، وذلك بفضل اختيار شركة “بيلاتوس” السويسرية إنشاء مصنع لها بالمملكة للتجميع الكامل لهياكل طائرتها من طراز “بيلاتوس بي سي 12” (12C-P).
وستقيم الشركة السويسرية، التي وقعت عقداً مع شركة “سابكا المغرب” لإنشاء المصانع، مصنعاً جديداً بنواحي الدار البيضاء، وسط المغرب، على مساحة تقدر بـ 16 ألف متر مربع، واستثمار مالي يناهز 180 مليون درهم (حوالي 20 مليون دولار).
وتنضم “بيلاتوس” السويسرية بذلك لأكثر من 142 شركة أخرى تنشط في مجال صناعة الطيران بالمغرب، وتوفر ما يزيد عن 11 منصب شغل مباشر، برقم معاملات بلغت قيمته 15.6 مليار درهم مغربي خلال عام 2019، وفق وعطيات رسمية.
فما هي أهمية توطين مثل هذا النوع من الاستثمارات في المغرب؟، وكيف تمكن قطاع صناعة الطيران بالمملكة من الصمود في وجه الجائحة؟ وما هو طموح المغرب في مجال تطوير صناعة الطيران بالبلاد؟
في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”، يؤكد ، رئيس تجمع مهنيي الطيران والفضاء بالمغرب المعروف اختصارا بـ ”غيماس”، كريم الشيخ، على أهمية استقطاب مثل هذا الاستثمار بالنسبة للمملكة، وذلك بعد تفوقه في طلب عروض طرح على المستوى العالمي.
ويستطرد الشيخ قائلا: ” يعكس هذا المصنع الجديد للشركة السويسرية الثقة التي يضعها المستثمرون في المنصة الصناعية للطائرات بالمغرب”.
ويشدد على أن “هذا الاستثمار له أهمية كبيرة، باعتبار أنه سيمكن المغرب من تصنيع وتجميع طائرة كاملة من طراز (بي سي 12)، ومن شأنه أن يعزز مكانته في مجال صناعة الطيران”.
وسيعمل مصنع الشركة السويسرية في المملكة، على تجميع هياكل الطائرات والأجنحة وأدوات التحكم في الطيران، وإرسالها للتجميع النهائي والتسويق في سويسرا.
وتعتبر طائرة “بي سي 12” من الطائرات الأكثر مبيعا لدى الشركة، نظراً لاستعمالاتها المتعددة وقدرتها على النزول في مدرج غير مهيأ.
ويقول الشيخ إن المغرب “أصبح سوقاً مستقطباً للمشاريع الاقتصادية العالمية، والاستثمارات الأجنبية في مجالات صناعية مختلفة من بينها صناعة الطيران، لعدة عوامل، من أبرزها البنية التحتية الصناعية المهمة، التي يتوفر عليها هذا المجال، مع الجهود التي تبدلها وزارة الصناعة لتعزيز علامة (صنع في المغرب)، إلى جانب الانفتاح على القطاع الخاص”.
كما يلفت المتحدث، إلى أن من بين العوامل الأخرى، “توفير يد عمالة متخصصة وذات خبرة عالية”، مشيرا إلى توفر المغرب على معهدين لتدريب التقنيين المختصين في مجال الطيران، مما يمكن الفاعلين في القطاع من الاستفادة من موارد بشرية مؤهلة.
ويشدد على أن “الجودة التي توفرها صناعة الطائرات بالمملكة تشكل أبرز عامل لاستقطاب الفاعلين الدوليين في القطاع، وليس فقط التحفيزات الضرائبية أو اليد العاملة الأقل تكلفة مقارنة بدول أخرى”.
ويعمل المغرب من خلال معاهد لمهن الطيران، على تطوير مهن جديدة ذات قيمة مضافة عالية، في عدد من التخصصات، من بينها التجميع الميكانيكي والتركيب والأسلاك الكهربائية والميكانيك.
وقد بات المغرب يحتل المرتبة الأولى قارياً وعربياً، في مجال صناعة الطيران، بحسب الشيخ، ويوجه صادراته من هذه الصناعة نحو السوق الأوروبية والأميركية.
وعلى المستوى الدولي، يقول المتحدث: “تحتل المنصة الصناعية المغربية مرتبة مهمة، حيث يشهد لها بالجودة العالية واستجابتها للمعايير الدولية المطلوبة في هذا القطاع”.
ويلفت إلى أن “القطاع قد شهد خلال السنوات الأخيرة الماضية، نموا ملحوظا تجاوز 18 في المائة سنوياً، حيث ارتفع عدد الشركات بالمملكة إلى 140 شركة، بعد أن كان عددها لا يتجاوز 4”.
وكانت المملكة قد تصدرت البلدان الإفريقية وحلت 17 عالمياً، من بين الدول التي توفر ظروف ملائمة لمزاولة الأعمال، وسط 50 وجهة عالمية ناشئة، في تقرير المؤشر العالمي “أجيليتي اللوجيستي السنوي للأسواق الناشئة لعام 2021”.
وقد تمكن قطاع صناعة الطيران في المغرب من تجاوز تداعيات توقف السلسلة الصناعية الكاملة للملاحة الجوية، بسبب انتشار فيروس كورونا، حيث وجهت عدد من الشركات عملها نحو تصميم وإنتاج أجهزة التنفس الاصطناعي مغربية الصنع.
ومما يشدد عليه الشيخ، أن صناعة الطيران في المغرب، تمكنت من الصمود أمام الجائحة، مقارنة بما وقع في دول الأخرى، حيث لم يفقد القطاع سوى 10في المائة من وظائفه خلال سنة 2020.
ويضيف أن هذا القطاع “أثبت مرونة عالية في التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية التي فرضها الوضع الوبائي، وتوقف التصنيع والتصدير، بسبب انخفاض الطلب على الطائرات مع بداية انتشار فيروس كرونا في العالم”.
ويؤكد على أن المصنعين في مجال الطيران بالمغرب، “على أتم الاستعداد اليوم لمواصلة مسيرة النجاح التي شهدها القطاع قبل الجائحة”.
ويتوقع رئيس تجمع مهنيي الطيران والفضاء بالمغرب، أن تشهد صناعة الطيران في المملكة تطورا كبيرا في المستقبل، خصوصا في شقها المتعلق بصناعة الطائرات الصديقة للبيئة، المعروفة باسم “الطائرة الخضراء”.
ويتابع الشيخ حديثه بالقول، إن الوصول إلى صناعة طائرات غير ملوثة للبيئة “يتطلب الكثير من الجهد والعمل على تطوير الأبحاث والتكنولوجيا العالية”.
ويستطرد: “لقد خلقنا داخل غيماس، 3 لجان للانكباب على هذا المشروع، إحداها متخصصة في أبحاث وتقنيات تقليل انبعاث الكربون من الطيران، والثانية في مجال التكنولوجيا، فيما تعمل الثالثة في مجال رقمنة العمل داخل الشركات الخاصة بالطيران”.
ويختتم الشيخ حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” بالتأكيد على أن المغرب “يواصل انخراطه الدائم في تطوير التكنولوجيا الدقيقة، وذلك قصد الاستجابة لمتطلبات السوق الدولية، ولحاجيات المستثمرين الذين وضعوا ثقتهم في المملكة”.
المصدر: شهبا برس
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.