50 مليون شقة فارغة في الصين تشكل قنبلة موقوتة.. ما القصة؟
أخبار اقتصاديةتمتلك ليو هونغ ووالداها أربعة منازل في مدن مختلفة عبر البر الرئيس للصيني، ثلاثة منها غير مأهولة. اشترت السيدة البالغة من العمر 36 عاماً، والتي تعمل مدققة حسابات في شنغهاي، شقة في مسقط رأسها هاربين بمقاطعة هيلونغجيانغ الشمالية قبل 13 عاماً مقابل 320 ألف يوان (47500 دولار).
تقع الشقة على بعد كتلتين من الأبنية من مقر إقامة والديها، وهي شقة كانت قد منحت لوالدها مجاناً من قبل المدرسة التي كان يدرس فيها قبل ثلاثة عقود، وهي ممارسة شائعة في الصين في ذلك الوقت.
قالت ليو، "أصر والدي وأمي على أنه يجب أن يكون لي منزلي في هاربين (عاصمة المقاطعة هيلونغجيانغ)، لأنهما كانا مقتنعين بأنني سأعود يوماً ما وأعيش فيها، أو قد أحتاج إليها لتوفير المال قبل الزواج، لكن لم يحدث أي من هذين الأمرين، والآن والداي معي في شنغهاي بعد تقاعدهما منذ نصف عام".
اشترت ليو لنفسها شقة مؤلفة من غرفتي نوم في شنغهاي مقابل 2.6 مليون يوان (383.8 ألف دولار) عندما كانت السوق تشتعل في عام 2015، بعد أن قررت الاستقرار في المدينة.
عندما يكون كل من هاربين وشنغهاي شديدي البرودة بين أكتوبر (تشرين الأول) وأبريل (نيسان) يسافر والداها إلى هايكو في مقاطعة هاينان، جنوب الصين، إذ يمتلكان منزلاً صغيراً لقضاء العطلات.
تقول ليو، "ليس من السهل العثور على مستأجر أو مشتر في هاربين، لذلك تركنا شققنا القديمة هناك فارغة لسنوات. من الناحية النظرية، تمتلك عائلتنا بمفردها منزلين أو ثلاثة منازل لا يقيم فيها أحد طوال العام".
وضع الأسرة بعيد كل البعد عن كونه فريداً، فوفقاً لمعظم التقديرات، هناك عشرات الملايين من الشقق الشاغرة في الصين. ومن المرجح أن يشكل هذا مشكلة بالنسبة لسوق الإسكان الصينية المضطربة بالفعل، حيث إن الوفرة المحتملة في المنازل الشاغرة تهدد بتقويض الأسعار بشكل أكبر.
ضغط هبوطي على أسعار المنازل
من جانبه، حذر معهد أبحاث "بي آر آي"، وهو مؤسسة فكرية صينية للأبحاث في مجال العقارات، في أحدث دراسة له قائلاً، "كثير من الشقق فارغة، وهذا ينذر بالمخاطر".
وقال المعهد، "المنازل الفارغة تمثل إمدادات محتملة كبيرة. عندما تتحول التوقعات في شأن سوق الإسكان إلى حالة سيئة سيتم طرح جزء كبير من المنازل الفارغة في السوق، ويمكن أن يثقل كاهل الضغط الهبوطي على أسعار المنازل".
ووفقاً لتقرير "بي آر آي" الذي صدر في وقت سابق من هذا الشهر، فإن متوسط معدل الشغور عبر البر الرئيس للصين هو 12.1 في المئة، ويقارن ذلك بـ11.1 في المئة في الولايات المتحدة، و9.8 في المئة في أستراليا، وهو أعلى بكثير مما هو عليه في المملكة المتحدة (0.9 في المئة) فقط من المنازل فارغة. ويترجم المعدل إلى نحو 50 مليون شقة غير مأهولة إذا تم تطبيقه على الدراسة.
وفي العام الماضي، وبحسب الخبير الاقتصادي رن زيبينغ، الذي كان يعمل سابقاً في مركز أبحاث التنمية، ومن خلال إضافة تقديراته التي أجراها عام 2020 إلى الأرقام الرسمية لعدد المنازل التي تم تشييدها حتى الانتهاء منذ ذلك الحين، فقد انتهت حقبة الازدهار في سوق الإسكان.
حقبة الازدهار
هناك نحو 400 مليون منزل في الصين، وهذا الرقم المذهل يقارب 16 ضعف العدد الإجمالي للمنازل، سواء كانت مأهولة أو مسكونة أو فارغة في هونغ كونغ. في حين تقول "كابيتال إيكونوميكس"، وهي شركة أبحاث واستشارات مقرها لندن، إن الرقم أعلى بكثير. وقدرت الشركة العام الماضي أن البر الرئيس للصين كان يستضيف نحو 30 مليون عقار غير مبيع، في حين أنه من المرجح أن يكون قد تم شراء نحو 100 مليون عقار آخر، ولكن لم يتم شغلها. كل هذا يندرج في إطار الأخبار السيئة للأشخاص مثل ليو وآخرين. وقد يجد مالكو المنازل في جميع أنحاء الصين صعوبة في العثور على مشترين لشراء وحداتهم الفارغة مع انتهاء زخم حقبة الازدهار في سوق الإسكان.
وقال صن شاين لي، وهو وكيل عقارات في مدينة نانتشانغ، عاصمة مقاطعة جيانغشي الشرقية، إن "بعض المنازل الشاغرة هي بقايا الفترة المحمومة بين عامي 2016 و2018 عندما توافد الناس لشراء منازل للاستثمار". نانشانغ غير مأهولة، ما يجعلها في المرتبة الأولى من بين 28 مدينة رئيسة رصدتها مبادرة الحزام والطريق.
وأثار التقرير، وبخاصة ترتيب المدن، نقاشاً حاداً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث رد سكان نانتشانغ بغضب على موقع "ويبو"، المعادل الصيني لـ"تويتر"، معلنين أنهم بالتأكيد لا يملكون أكثر المنازل شاغرة. رد الفعل العنيف دفع واضعي التقرير إلى إصدار اعتذار على حساب "وي تشات" ليل 11 أغسطس (آب)، قائلين إن إجراءات البحث الخاصة بها قد لا تكون كذلك.
وقالوا إن إحصائياته كانت "صارمة بما فيه الكفاية"، ووعدوا بمراجعة أرقامهم مع السلطات المحلية لتقديم تقرير أكثر دقة، ولكن مهما كانت التناقضات بين المدن الفردية، فإن حقيقة وجود ملايين المنازل في جميع أنحاء البلاد لا شك فيها.
فقد قالت معلمة بالمدرسة الإعدادية، ظلت عاطلة عن العمل حتى عام 2017، إن عائلتها تمتلك منزلاً مكوناً من ثلاثة طوابق وشبه منفصل في كونشان، وهي مدينة في مقاطعة جيانغسو الساحلية، وتحتفظ العائلة به كمنزل تقاعد لوالديها. وهي تشعر بالأمان في الحصول على المنزل.
وإذا حدث أي عدم يقين (مالي) في المستقبل، حينها يمكنها "استبدال الممتلكات بالمال"، كما قالت فنغ، والتي استحوذت على جميع العقارات الأربعة التي تحمل اسم عائلتها، بما في ذلك المنزل الفاخر الذي تبلغ كلفته 4 ملايين يوان (590.5 مليون دولار)، والذي يقف فارغاً في كونشان.
المصدر: اندبندنت عربية