تفاجأ المهندس الكهربائي، عمر تيناوي بعد شرائه سيارة مستعملة، بارتفاع تكاليف الإصلاح التي ينفقها على سيارته بشكل يومي، لتكون في حالة جاهزية تامة عند اللزوم، حسب تعبيره.
وجد "عمر" نفسه مضطراً لشراء سيارة مستعملة على "قد الحال"، لتعينه على الوصول إلى مكان عمله، ولكسب الوقت وتلافي زحمة وسائط النقل العامة وتوفير أجرة التكاسي الباهظة.
على عكس التوقعات، كان لتكاليف الصيانة المرتفعة أثرُ سلبي على مدخراته، التي كان يوفرها من جراء عمله في "صيانة وتجهيز الدارات الكهربائية".
يقول عمر: لم أتوقع أن تكون سيارتي "بالية" إلى هذا الحد، وأضاف مستاءً "أصبحت خادماً لسيارتي.. بدلاً من أن تخدمني"!
وتابع.. تحتاج سيارتي المستعملة إلى صيانة يومية، ما جعلني زبوناً دائماً لدى الميكانيكي والكهربائي، بحيث صرتُ أمضي ساعاتٍ طوالاً في ورش الصيانة، تاركاً عملي، الذي يتطلب مني متابعة ومراقبة دائمة، ما دفعني للتفكير بجدية في بيع تلك السيارة.
أضاف عمر، حاولت بيع سيارتي بأقل من سعر التكلفة عند الشراء، الذي بلغ خمسة عشر مليون ليرة، مايعادل 4500 دولار أمريكي حينها، عدا قيمة القطع التي اشتريتها أثناء أعمال الصيانة المستمرة، لكني لم أتمكن من البيع، بسبب الركود الذي تشهده أسواق السيارات.
عمر يفضل الآن ركن سيارته أمام باب منزله، ومعاودة استخدام وسائط النقل المختلفة، كونه بات يعاني صعوبة بالغة في تأمين قطع الغيار الألمانية "الباهظة الثمن" والتي باتت تتعطل واحدة تلو الأخرى.
أضاف "عمر" عندما هممت لشراء السيارة من طراز "فولكس فاجن" 1976 قمت بفحصها جيداً، مستعيناً بخبرة الميكانيكي والكهربائي، فنصحوني بها كثيراً، بل أصروا على أنها لاتتعطل على الإطلاق، كونها ألمانية الصنع.
قالوا لي "بتشغل وبتمشي ومابتصرف عليها ليرة "، و الآن بمجرد وصولي إلى ورش صيانتهم باتوا يتذمرون كثيراً عند رؤيتهم لسيارتي، بل في أكثر الأحيان يختلقون الحجج الواهية كي يتهربوا من إصلاحها، فانتهى بها المطاف "خردة بالية" مكرجة أمام منزلي ولا تنفع لشيء.
وفي السياق عينه تحصل رامي دالاتي على نصيبه من تركة والده، الذي توفي قبل عامين من الآن، وكان لدى أبيه منزل متميز في منطقة ضمن مدينة دمشق، حيث قام الأبناء ببيعه وتوزيع حصص الميراث، ليبلغ مجموع حصته من التركة 25 مليون ليرة سورية،
رامي قرر أن يرتب أولوياته المالية، بحيث يكون اقتناء سيارة نظيفة على رأس القائمة، وبعد تشاوره مع مالكي مكاتب السيارات، لاقت السيارة "دايو لاسيتي" ذات الصناعة "الكورية"، الرغبة في الشراء لديه ولدى أصدقائه، يقول عمر: وجدت نفسي مضطراً لشرائها على الفور، من كثرة ترديد السمسار البائع جملة "بكرا مابتلاقيها"
أضاف عمر إشتريت سيارتي بـ 22 مليون ليرة، وكانت في أنظاري "عروس" لهذا قمت بالدفع وكتابة العقد بلا مجادلة ومفاصلة، كي أرتاح من أعباء الصيانة مستقبلاً.
لكن في حقيقة الأمر وبعد أيام قليلة، اكتشفت أن سيارتي "العروس" التي اشتريتها "مشكزة شكازة" ومرقعة كثيراً من الناحية الفنية والتقنية، "من برا خام ومن جوا سخام" فبدأت أنفق عليها بسخاء، لتلافي سخرية أصدقائي لي، وخشية أن تتعطل أثناء ركوبهم معي، أنفقت مايقارب مليون ونصف ليرة خلال أسبوعين، وتوزعت النفقات ما بين الكهربائيات والدوزان وبعض المعايرات في المحرك.
ومن جهته قال أبو شادي أحد مالكي مكاتب السيارات في مدينة دمشق لموقع "الحل نت" بلغ ما نسبته ثمانون بالمئة من السيارات المستعملة المتواجدة في السوق بالية، جراء الاستخدام الطويل، وانتهاء عمرها الافتراضي، عدا عن وجود بعض السيارات النظيفة والمداراة بعناية من قبل أصحابها، وعلى الأرجح يكون غالبيتهم من "الأطباء والصيادلة".
ويشهد سوق السيارات المستعملة حالة من التزييف، بحيث يعمد البائع إلى تلميع سيارته من الخارج، والاكتفاء " ببخة زنار" وتغيير بعض المصابيح الكهربائية لتبدو جديدة نسبياً، ومن ثم يعمد إلى عرضها في مكاتب البيع، "ويا سواد معيشة من يتقبع بها "، ليعيد صاحبها الجديد كرة التلميع مرة أخرى، ومن ثم يبيعها مرة أخرى، وهكذا تدور العجلة في سوق السيارات.
وأضاف أبو شادي، أصعب مايواجه مالك السيارة المستعملة تأمين قطع الغيار، بسبب ندرتها وارتفاع قيمتها السوقية الناتج عن تدهور قيمة صرف الليرة أمام الدولار الأمريكي، حتى وإن كانت السيارة صينية المنشأ وقطعها رخيصة، سيجد صاحبها نفسه مجبراً على الصيانة وتبديل قطع الغيار باستمرار وعلى فترات متقاربة.
والجدير بالذكر أيضاً حقيقة ارتفاع أجور الصيانة بشكل عام، حيث بلغت تكلفة "تعمير محرك" بحد وصف الميكانيكيين، مليون ونصف ليرة، أما تكلفة معايرة "الدوزان" 300 ألف ليرة، وبالمجمل لاتوجد تعرفة ثابتة لذلك، بحيث يكون طلب أجرة الصيانة على قدر قيمة السيارة في السوق، ووضع صاحبها من حيث المظهر والهندام وطبيعة العمل.
خلال جوالة اطلاعية لـ "أخبار الليرة" على الأسواق، بلغ سعر زوج الإطارات المقبول 250 ألف ليرة، وسعر زوج المخمدات الأمامية 150 ألف ليرة، وسعر "المرش" 75 ألف ليرة، فيما بلغ سعر المرآة الجانبية الواحدة مايقارب 200 ألف ليرة.
وتكلفة استبدال الزيت الخاص بالمحرك "نوعية محلية" 50 ألف ليرة، فيما بلغت قيمة الزيت المستورد 90 ألف ليرة.
ويذكر أن السيارات التي تعمل بشكل يومي، تحتاج لاستبدال زيت المحرك خلال فترات متقاربة، وخاصة سيارات النقل العمومي، الأمر الذي أجبر أصحاب السيارات على تفضيل نوع "الزيت المحلي" لتدني قيمته السوقية، مقارنة بالمستورد الذي بلغت قيمته الضعف.
ما يعنيه أن كل سيارة تحتاج مصاريف صيانة ومعايرة وزيتاً ووقوداً واهتلاك إطارات، مايبلغ قيمته 300 ألف ليرة في الشهر الواحد على أقل تقدير، هذا ما أجبر الكثير من أصحاب السيارت على ركنها أمام المنزل، والاعتماد على وسائط النقل المختلفة وأهمها " التقطيعات" "بحيث يتم التلويح لأي سيارة مارة في الطريق، وطلب الصعود فيها " ويذكر أن هذه الظاهر انتشرت كثيراً في المدن السورية.
وعلى الرغم من إصدار حكومة النظام السوري، قراراً جديداً ينص على منع استيراد السيارات الجديدة، إلا أن الشارع السوري لايزال يشهد بشكل متكرر ظاهرة تنقل سيارات فارهة جديدة "بحالة الوكالة" تحمل لوائح مستأجرة.
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.