نبتة طبية الكيلو غرام بـ10 دولارات.. نبتة غير معروفة تتحول إلى مصدر سعادة ورزق للسوريين ويمكن للجميع الاستفادة منها (صور)
يعاني الشعب السوري من صعوبات الحياة ويكتظ الشمال المحرر بملايين المواطنين مع قلة العمل وانعدام الغذاء وعدم توافر النقود.
ويسعى الكثير من المواطنين لإيجاد حلول لتوفير ما يمكن من نقود لتأمين ما يسد الرمق وتشاهد الكثير منهم يعملون بأجرة تكاد لا تكفي ثمن الخبز.
واتجه الكثير من السوريين نحو البراري والجبال التي تحوي على الحطب والفطر والحميض وبعض النباتات الطبية التي أصبحت تشكل مصدر رزق لهم.
وفي مطلع صيف كل عام يبدأ موسم القبار أو ما يعرف بالشفلح والذي راح الكثير من السوريين اليائسين ينتظرونه،
وينتهزون فرصة العمل به حتى غدا مصدر رزق للعاطلين عن العمل في إدلب وشمال غرب سوريا عموماً.
وبينما كانت سلمى العواد وهي نازحة من قرية كفروما ومقيمة في مخيمات قاح الحدودية تحث الخطى لاقتناص المزيد من ثمار القبار القريبة لملء وعائها
تروي لأورينت نت تجربة عملها في موسم القبار، والذي غدا عملها الوحيد بعد نزوح عائلتها الأخير الذي أفقدهم بيتهم وأرزاقهم.
تستعين سلمى بأولادها الذين اعتادوا على مشاطرتها الطريق وعناء القطف منذ الصباح الباكر وحتى غدو شمس كل يوم،
تقول سلمى إن عائدات عملها من جمع القبار ماهو إلا لسد كفاف مونة الشتاء وقضاء بعض حوائج عائلتها اليومية.
تبيع سلمى ماتجنيه في جعبتها بشكل يومي لتاجر وسيط يجمع القبار بالأطنان استعداداً لتصريفه لتجار آخرين يصدرونه بدورهم إلى تركيا،
وتحصل لقاء كل كيلو غرام من القبار على مبلغ ٨_١٠ دولارات أمريكية.
لم يكن العمل في قطف موسم القبار حكراً على أي فئة عمرية في الشمال السوري المحرر،
فرواد الحسين ورغم صغر عمره (10 سنوات) لكنه يقطف ثمار القبار متأقلماً مع وخز الأشواك الكثيفة التي تحيط بها.
يقول رواد في حديث لأورينت إن عناء قطف ثمار القبار ووخز الأشواك المحيطة بها “أهون بكثير من الحياة التي نعيشها بل إنها أهون الشرور على الإطلاق”.
يسرد رواد بابتسامة جانباً من معاناته في قطف موسم القبار، فحجم سلته الكبيرة يرغم رواد على امتلاء يديه بالأشواك التي بات إخراجها روتيناً يومياً يمارسه مساءً قبل خلوده للنوم.
يعيش رواد مع والدته وإخوته في مخيم كفرلوسين بعد نزوحهم من بلدة البارة وهو يعيلهم بعد وفاة والده أثناء القصف الذي طال قريتهم منذ أكثر من عامين،
وفي كثير من الأحيان تساعده والدته وإخوته في جني القبار ليتمكنوا من تأمين قوت يومهم.
تنمو شجيرات القبار في المناطق الجبلية وبين الحقول والبساتين والبيادر وأطراف الطرقات وأسفل الجدران القديمة،
وباتت رؤيتها مصدر سعادة وسرور وأشبه بكنز بالنسبة للكثير من الأسر السورية النازحة والمقيمة ممن ضاقت بهم السبل.
لم تُكتشف فوائد القبار العلاجية والغذائية إلا منذ وقت قصير، إذ كان المزارعون يعتبرون نبتة القبار من النباتات المزعجة،
والضارة بالمزروعات كونها تنمو بينها، فيتخلصون منها سابقاً لجهلهم بفوائدها المتعددة،
لكن الأمر تغير بعد اكتشاف فوائدها المتعددة وزيادة الطلب عليها ليقوم المزارعون ممن كانوا يتخلصون منها بالأمس بزراعته عن طريق الاحتفاظ ببذاره والعناية به اليوم.
خبير الأعشاب مصعب الأمين يتحدث لأورينت نت عن فوائد القبار فهو مستخدم في صناعة مواد التجميل وهو مضاد حيوي مهم في حالات التهاب الكبد والأنف والأذن والحنجرة،
إضافة لكونه من مخفضات ضغط الدم ومنظم للسكري ويستخدم في علاج مختلف أنواع السرطانات وتصلب الشرايين،
عدا عن فوائده الغذائية وطعمه المحبب الذي يضفي على المأكولات نكهة لذيذة.
ويؤكد الأمين احتواء ثمار ‘‘القبَّار’’ على مركبات جينكجيتين – ساكورانتين المفيدة لصحة الأعصاب،
والجذور هي الأخرى تحتوي على ‘‘قلويدات’’ عديدة أهمها كاباريسبين – ستاكيدرين ولها دور فاعل في معالجة أمراض الروماتيزم والمفاصل.
وأطلق الأوروبيون تسمية الذهب الأخضر على نبات القبار، الذي تباع منتجاته لديهم ومنها المخلل بسعر يتراوح بين ٢٢ و ٣٠ دولاراً.
أي إن التاجر المصدّر يكسب أضعاف الربح للكيلو الواحد، كما إن السعر يتضاعف مرتين بعد التخليل والتعبئة.
ومع استمرار تدهور أوضاع المدنيين الاقتصادية والمعيشية في إدلب والذين يرزحون بمعظمهم تحت خط الفقر،
ما زال الأهالي يبتكرون الوسائل ويتحدون ظروفهم ويبحثون عن شتى السبل التي من شأنها أن تساعدهم على البقاء.
كما يلجؤون إلى جمع كل نبتة طبية ستوفر لهم المال القليل لشراء أقل ما يمكن لمواصلة حياتهم البائسة التي أوصلهم لها نظام الأسد.
مواقع إلكترونية
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.