الجفاف قادم.. صور أقمار صناعية تكشف انخفاضاً مخيفاً لمنسوب مياه نهر الفرات

كشفت صور حديثة للأقمار الصناعية، عن حجم مخيف لانخفاض منسوب مياه نهر الفرات، الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية في سوريا، قد تطال تبعاتها مختلف جوانب الحياة.

"الجفاف قادم لا محالة"، قال عضو في منظمة "باكس" الهولندية، وهو يشير إلى أن صور تم التقاطها عبر الأقمار الاصطناعية تظهر "التراجع السريع في النمو الزراعي الصحي" في كل من سوريا وتركيا.

ومن شأن تراجع منسوب المياه في نهر الفرات أن يؤدي إلى انقطاع المياه والكهرباء عن ملايين السكان، وبطبيعة الحال، إضعاف الناتج المحلي للزراعة، حيث تعتمد المنطقة الشرقية في سوريا على الزراعة كمورد أساسي للدخل.

هذا ما يؤدي إلى تفاقم المعاناة لشعب استنزفته الحرب لسنوات، وتعاني بلاده من عقوبات اقتصادية، وانهيار حاد في قيمة صرف العملة المحلية.

التأثير على الزراعة

توقع " الخبير في الشأن السوري فابريس بالانش "أن تواجه سوريا جفافا قد يستمر سنوات لم تشهده منذ آخر موجة جفاف فيها بين العامين 2005 و2010" حسبما نقلت فرانس برس.

وأضاف: "سيضطر المزارعون خلال السنوات المقبلة إلى تقليص المساحات المزروعة" محذرا من أن سوريا كلها "ستشهد نقصا في الغذاء، وسيكون عليها أن تستورد كميات ضخمة من الحبوب".

ويهدد تراجع منسوب نهر الفرات "المجتمعات الريفية على ضفافه والتي تعتمد بشكل أساسي على الزراعة والري"، وفق الخبيرة السورية في الأمن البيئي مروى داوودي.

وحسب الأمم المتحدة فإن إنتاج الشعير قد يتراجع بنحو 1.2 مليون طن العام الحالي، ما يصعّب تأمين العلف للحيوانات خلال الأشهر القليلة المقبلة.

انقطاع الكهرباء والماء

توجه اتهامات لتركيا بمنع وصول المياه إلى سوريا، حيث ينبع نهر الفرات من جبال طوروس في تركيا ويتدفق منها إلى سوريا، وتقيم أنقرة العديد من السدود على أراضيها.

وفي سوريا، بني سدان أساسيان على نهر الفرات هما سد تشرين في ريف حلب الشمالي، وسد الطبقة حيث تقع بحيرة الأسد الضخمة في ريف الرقة الشرقي.

يغطي السدان 90 في المئة من حاجات شمال شرق سوريا من الكهرباء، بما فيها التيار اللازم لمحطات ضخ المياه. ويهدد تراجع منسوب المياه اليوم عملهما.

يحذر مدير سد تشرين منذ 13 عاماً حمود الحماديين من “انخفاض تاريخي ومرعب” في منسوب المياه لم يشهده السد منذ بنائه العام 1999.

ومنذ ديسمبر، تراجع منسوب المياه في السد خمسة أمتار. وفي حال استمراره بالانخفاض سيصل إلى ما وصفه الحماديين بـ”المنسوب الميت”، ما يعني أن تتوقف “العنفات بشكل كامل” عن العمل.

وعدا عن تراجع إمداد المنطقة بالكهرباء، توقفت محطات ضخ مياه عدة عن العمل.

وتنقل وكالة "فرانس برس" عن خالد شاهين وهو أحد مهندسي سد الفرات منذ 22 عاما، أنه "إذا استمر الوضع على هذا الحال، من المحتمل أن نوقف توليد الكهرباء، وأن نغذي فقط المخابز والمطاحن والمستشفيات".

وحذر ائتلاف منظمات تعمل في شمال شرق سوريا من انتشار الأمراض الناشئة عن تلوث المياه في محافظات حلب والرقة ودير الزور.

وفي عام 1987، وقعت سوريا اتفاق تقاسم مياه مع تركيا تعهدت بموجبه أنقرة أن توفر لسوريا معدلاً سنوياً من 500 متر مكعب في الثانية، لكن هذه الكمية انخفضت إلى أكثر من النصف خلال الأشهر الماضية، ووصلت في فترات معينة إلى 200 متر مكعب في الثانية، وفق تقنيين.