قد تبدو فكرة جمع الطاقة في الفضاء وإرسالها إلى الأرض ضرباً من الخيال العلمي، ولكن وفقًا لخطة الحكومة الصينية، ستوفر محطة طاقة شمسية في الفضاء، كهرباء بقدرة 1 ميغاواط بحلول عام 2030.
وبحلول عام 2049، ستزيد الطاقة الإجمالية للمحطة أو المحطات إلى 1 جيجاوات، وهو ما يعادل أكبر من قدرة مفاعل نووي.
لقد أعلنت حكومة الصين عن مشروع ضخم فريد من نوعه كانت قد بدأت العمل به بالفعل، وقد أكد خبراء بأن هذا المشروع سيؤدي إلى توفير كميات كبيرة من الكهرباء، وذلك بكلفة قليلة ومن غير أي رواسب أو نفايات طاقة أو انبعاثات كربونية.
ترتكز فكرة المشروع على وضع مجموعة كبيرة من الألواح الشمسية في الفضاء الخارجي، من أجل توليد الطاقة وإرسالها بكميات ضخمة إلى الأرض.
وغني عن القول إن أكبر مشكلة لمحطة طاقة عائمة هي اكتشاف طريقة لإعادة ارسال الطاقة إلى الأرض، لا يزال العلماء وراء المشروع يقومون بدراسة هذا الجزء.
لكن في الوقت الحالي، الخطة هي وضع صفائح شمسية في الفضاء لإلتقاط ضوء الشمس ومن ثم نقل الكهرباء إلى منشأة على الأرض في شكل ميكروويف أو ليزر.
ومن هناك، يمكن استخدام الكهرباء كما لو كانت قد ولدت بوسائل تقليدية أرضية.
كمية كهرباء تعادل محطة طاقة نووية
ويقول الخبراء أنه عند بدء تشغيل الطاقة الشمسية في الفضاء، سترسل كمية ضخمة من الكهرباء النظيفة إلى دولة الصين، وهذه الكهرباء تساوي محطة طاقة نووية.
أن فكرة إنشاء محطة الطاقة الكهربائية الفضائية تم اقتراحها لأول مرة بواسطة الكاتب "إسحاق أسيموف" في عام 1941، وفي ذلك الوقت اكتشفت هذه الفكرة من قبل عدة دول ومن بينها بريطانيّة وأميركا.
ففي بداية الأمر يبدأ إنتاج الطاقة الكهربائية بميغاوات واحد فقط، ولكن في عام 2049، سيتم إنتاج غيغاوات من الطاقة الكهربائية، وهذا الكم من الطاقة معادل لأكبر مفاعل للطاقة النووية في دولة الصين.
ومن مزايا هذا المشروع أنه في الفضاء وهذا يعني في مكان حيث لا وجود للغيوم وتغيرات الظروف المناخية ، فيبقى محافظاً على استمرارية عمله في إنتاج الكهرباء ولا يتوقف بفعل أي ظرف كان.
مما يجعله مصدراً مضموناً لإنتاج الطاقة الكهربائية دون ترك مخلفات لذلك على سكان الأرض.
فقامت الحكومة الصينية باختيار مدينة "تشونغتشينغ" ليتم وضع حجر الأساس لهذا المشروع وعرف باسم (Bishan)، وسوف تبدأ اختبارات المحطة في نهاية هذا العام.
تكاليف محطة الطاقة الفضائية
لا يوجد معلومات دقيقة حول تكلفة هذا المشروع أو تشغيله، ومن المتوقع أن يتم تشغيله في عام 2035، على أن تكبر وتتطور بحلول عام 2050.
نقلاً عن دوائر الأرصاد الجوية: فأن ما يقارب ثلث أيام مدينة "تشونغتشينغ" في جنوب غرب الصين يسود فيها الضباب طوال العام ، الأمر الذي يجعلها غير مؤهلة لقيام مشروع طاقة شمسية بها.
أفادت معلومات عن الحكومة الصينة أنها قامت بإنشاء مركز اختبار لمحطة الطاقة الفضائية، وأيضاً تم وضع ميزانية لهذا المشروع من قبل "البرنامج الوطني للطاقة الشمسية "ما يقارب15.4مليون دولار قبل ثلاث أعوام.
ونظراً لعدم استنادهم على أرقام دقيقة بشأن تكلفة المشروع وسلامة البيئة فتم تأجيل العمل على هذا المشروع لكي يتوفر الوقت اللازم لإجراء مناقشات والتوصل إلى حلول سليمة.
ففي يونيو الماضي تم إعلان استئناف العمل على المشروع واضعين خطة لنهاية بناؤه في أواخر السنة الحالية.
كما أكد العلماء المشرفين على هذا المشروع بأن وجود مجموعة من الألواح الشمسية والتي تدور حول 22400 ميل فوق الأرض بمدار ثابت سوف يؤدي لاكتساب أشعة الشمس يشكل دائم وذلك لأنها تدور حول الشمس بمدار ثابت.
يعود الأمر لعدم وجود فعالية لمحطة الطاقة الشمسية على الأرض لأنها تعمل في النهار فقط، على عكس وجود محطة في الفضاء، لكونها تستمد طاقة شمسية بشكل مستمر.
يضاف إلى ذلك أن محطة الطاقة الشمسية غير فعالة لأن يحجب الغلاف الجوي أو يمتص ما يقرب من نصف الطاقة في ضوء الشمس.
تعود فكرة بناء محطة شمسية في الفضاء إلى ستينات القرن الماضي.
فبدأ الكثير من العلماء والمهندسين يسعون لتطبيق هذه الفكرة ووجدوا أنّ تطبيقها على ارتفاع 36000 كيلومتر يمكن هذه المحطة من استمدادا الحرارة من الشمس بشكل مباشر وعلى مدار اليوم.
يمكن الحفاظ على الطاقة وعدم فقدانها وذلك عبر إرسالها بشكل موجات ميكرويف ذات التردد العالي.
تم تقديم اقتراحات لأشكال مختلفة لمحطات الطاقة الشمسية في كافة أنحاء العالم، لكن هذه الاقتراحات بقيت بشكل نظري ولم يتم تطبيقها عملياً؛ بسبب مواجهة التحديات التقنية الرئيسية.
يرى بعض الباحثون الصينيون بأنّ لتطبيق هذا المشروع ونجاحه لابد إلى إثبات أنّ نقل الطاقة اللاسلكي يعمل على مسافات بعيدة.
وبالرغم من أنّ فكرة المخترع نيكولا تسلا انتشرت في نهاية القرن التاسع عشر إلا أنّ تكنولوجيا هذا العصر لم تتمكن إلا بتفعيل تطبيقات قصيرة المدى كالشاحن اللاسلكي للجوالات المحمولة.
استطاع الباحثون الصينيون بتلقي الكهرباء اللاسلكية ترسل من منطاد على بعد 300 متر فوق الأرض، ويسعون لزيادته إلى أكثر من 20 كيلو متر عبر منطاد يجمع الطاقة الشمسية من طبقة الغلاف الجوي الستراتوسفير.
وفقًا لبعض الدراسات الحديثة في الصين، فإن مخاطر السلامة لمحطة الطاقة الشمسية الفضائية لا يمكن إهمالها.
عندما تتحول الألواح الشمسية الضخمة لمطاردة الشمس ، على سبيل المثال ، يمكن أن تنتج اهتزازات صغيرة ولكنها مستمرة في مسدس إشعاع الميكروويف مما قد يتسبب في حدوث اختلال في الأداء.
ولذلك ، فإن "مزرعة الفضاء" ستحتاج إلى نظام تحكم طيران متطور للغاية للحفاظ على هدفها في بقعة صغيرة على الأرض.
خطر آخر سيكون الإشعاع. وفقًا لإحدى الحسابات التي أجراها فريق بحثي بجامعة جياوتونغ في بكين العام الماضي ، لم يتمكن السكان من العيش في نطاق 5 كيلومترات من محطة الاستقبال الأرضية لمحطة الطاقة الشمسية الصينية 1 جيجاواط في الفضاء.
وكذلك حتى القطار الذي يبعد أكثر من 10 كيلومترات يمكن أن يواجه مشاكل مثل فقدان الاتصال المفاجئ لأن تردد الميكروويف النشط سيؤثر على شبكة Wi-Fi.
في البداية واجه المشروع معارضة كبيرة، ولكن بعد أن قامت الصين بتحديد رغبتها من أجل الحفاظ على البيئة والتخلص من الكربون في حلول عام 2060، فتم دعمه بشكل كبير من قبل قطاع الطاقة.
فمشروع الطاقة الشمسية الفضائي سيكون حلاً استراتيجياً، وذلك لإن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يعتبران مصادر غير ثابتة.
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.