نعم، كما قرأت، شمس صينية! المفاجأة كبيرة، ولكن الخبر حقيقي.
الصين على وشك إنتاج شمس تماثل شمسنا الطبيعية، التي نراها كل يوم منذ خلقنا، بل وتزيدها أضعافاً من حيث الحرارة.
غرام واحد من الطاقة التي تنتجها الشمس الصناعية يعادل 8 أطنان من الطاقة الناتجة عن البترول.
فما القصة؟ هذا ما ستعرفه في هذا المقال.
"صُنع في الصين" لطالما نرى هذه الجملة أمام أعيننا، فالباحثون الصينيون لا يكادوا يعجزوا عن صناعة أي شيء يقع أمام ناظرهم.
إلى أن وصل الأمر بهم وفي فكرة فريدة ومجنونة لصناعة الشمس، فكيف سيكون ذلك؟
هذه الشمس الصينية أو الاصطناعية هي عبارة عن مفاعل تجريبي لموصل فائق التطور، والذي يعرف بإسم مفاعل “توكاماك”.
هذا المفاعل يحاكي عملية الإندماج النووي التي تحدث بالشمس الحقيقية لتوليد الحرارة والطاقة، مما يمكنه من محاكاة شمسنا ليس فقط في طريقة العمل، ولكن في كمية الضوء التي تشعها أيضاً.
صُمِّم مفاعل توكاماك (HL-2M Tokamak) في مقاطعة سيتشوان، لاستخدام مجال مغناطيسي قويّ بغية صهر مادة في حالة "بلازما" أو "هيولى" مرتفعة الحرارة.
تقوم الفكرة على أسس علمية بحتة ما بين الكيمياء والفيزياء والتكنولوجيا المتقدمة، فالشمس التي نعرفها تولد كميات هائلة من الطاقة من خلال عمليات الاندماج النووي.
وذلك ما بين ذرات الهيدروجين الخفيف والتي تتحول إلى ذرات الهيليوم معدل 26 مليون طن خلال ثانية واحدة.
وإذا فكرنا بالأمر فإنّ عنصر الهيدروجين وبحسب الدراسات هو من الأكثر انتشاراً في الكون وفي الغلاف الجوي المحيط بالأرض وبكميات كبيرة.
وعملية الاندماج النووي تحتاج للمفاعلات النووية وهذا ما تملكه بالفعل الكثير من الدول ومن بينها الصين.
لكن المفاعلات التقليدية تعمل على مبدأ الانشطار الذري من أجل توليد الطاقة وصناعة الأسلحة.
وهنا تعمل الصين على عكس هذه التقنية من الانشطار إلى الاندماج.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة فهذه العملية تتطلب بناء مفاعلات نووية، يتم حقنها بالهيدروجين للوصول لدرجة حرارة تزيد عن 250 مليون درجة مئوية أي 10 أضعاف حرارة مركز الشمس حتى يتحقق الاندماج.
في أحد أكبر المعاهد الصينية المختصة بدراسة فيزياء البلازما، عكف الباحثون على دراسة إمكانية بلوغ نقطة تحول هائلة في مفاعل توكاماك، وذلك عن طريق الوصول لدرجة حرارة إلكترونية تبلغ 100 مليون درجة مئوية.
وهذه هي درجة الحرارة اللازمة لإحداث تفاعل الإندماج النووي، وهذا التفاعل بدوره هو المسئول عن إنتاج طاقة تفوق كثيراً تلك الطاقة المستخدمة في تشغيله.
والجدير بالذكر هنا أن درجة حرارة باطن الشمس الطبيعية حوالي 15 مليون درجة مئوية.
ولذلك، فشمس الصين الصناعية ستفوق الشمس العادية بأكثر من ستة أضعاف.
وهذا الفارق الشاسع في درجة الحرارة هو ما جعل المسئولين في الصين يصرحون بأن هذا المفاعل سيحقق علامة فارقة لم يسبق الوصول لها من قبل.
وهم يأملوا في الإستفادة من قوة هذا الإندماج النووي في أغراض كثيرة مثل العلاج والزراعة والصناعة.
إنّ ما سبق ذكره من الأنشطة النووية يشابه مبدأ عمل الشمس الحقيقية، وبدروه يولد طاقة تزيد 8 أضعاف عن معدل الطاقة النووية المولدة بنفس الكمية.
وبحسب العلماء فإنّ ما كميته غرام واحد من البلازما الساخنة المولدة يعادل ما تنتجه 8 أطنان البترول.
وقد وضع العلماء والباحثين القائمين على العمل تصورهم لهذا المشروع الهائل، ليتوصلوا إلى مساحة 60 ملعب كرة قدم لاستيعاب المخطط بوزن يفوق وزن برج إيفيل 3 مرات.
كما أنّها بحاجة لمجال مغناطيسي عملاق يبقيها ثابتة، بالإضافة لمستوعب يتحمل درجة حرارة 150 مليون درجة.
وهنا نحن نتحدث عن طاقة نظيفة لا تحمل أية نفايات أو انبعاثات كربونية مما يساهم في تحسين المناخ بشكل كبير.
وقود البلازما الساخن سيتم استخدامه في الصواريخ للوصول للمريخ أسرع من السابق بمدة تصل لشهر واحد فقط، أين وصلت دول العالم من ذلك؟
عملت الكثير من الدول على تصميم مفاعلات تجريبية وكانت تجربة الصين هي الأبرز والتي استطاعت إنتاج كهرباء قبل أشهر من شمسها الصناعية ولكن بشكل محدود.
وحتى اللحظة لم تستطع أي دولة تحقيق اندماج مستقر لأكثر من 70 ثانية، وهذا يتطلب طاقة كبيرة للتشغيل أكبر مما يتم إنتاجه.
وقد أعلن المسؤولون في المؤسسة النووية الوطنية الصينية بأنّ أعمال التشييد للمفاعل "إيست" وهو مفاعل تشرف على بنائه شركة توماك الصينية والذي سيكون بمثابة الشمس الاصطناعية في مراحله الأخيرة.
ووفقاُ لـ "دوان زورو: مدير المؤسسة النووية الوطنية الصينية فإنّ المفاعل سيكون قادر على تحقيق درجة حرارة تصل لـ 100 مليون درجة مئوية، أي أكثر بسبع مرات من درجة حرارة أيونات الشمس الحقيقية.
تحت هذا المُسمى اجتمعت 35 دولة حول العالم بهدف بناء أضخم مفاعل انصهار ودمج نووي في جنوب فرنسا ووصلت التكلفة المقدرة إلى 22 مليار دولار.
ويتوقع أن يتم إنتاج وقود الاندماج في نهاية عام 2025 بحيث يصل التشغيل الكلي عام 2035، ويرى المحللون بأنّ التكاليف لا تقارن مع ما يصل لتريليون دولار سنوياً تكلفة إنتاج الطاقة حول العالم، فيما يرى آخرون بأنّ هذا الأمر صعب التحقق في السنوات القريبة.
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.