في دولة الإكوادور الواقعة على سواحل المحيط الهادئ بالقارة الأمريكية اللاتينية، هناك محميّة طبيعيّة تابعة لليونسكو تدعى "سوماكو"، يحتاج الوصول إليها من العاصمة كيتو نحو يوم كامل.
3 ساعات من الرحلة فقط تقضيها وأنت جالس في السيارة، بينما تقضي أكثر من 15 ساعة أخرى بالتنقل من خلال القوارب النهرية وعلى ظهر البغال، و من خلال المشي على الأقدام.
ولكن هل هذه الرحلة التي تبدو موحلة من مجرد وصف طريقها، تستحق كل هذا العناء؟
لا شكَّ في أنّ جواب كثير من الناس سيكون "نعم" بمجرد أن يعرفوا أن أشجار النخيل هناك تمشي وحدها!
يقول بيتر فرسانسكي، عالم الأحياء القديمة من معهد علوم الأرض التابع للأكاديمية السلوفاكية للعلوم براتيسلا: "تتحرك هذه الأشجار عبر الغابة التي توجد بها في الإكوادور، حيث إن نمو الجذور الجديدة للأشجار ينقلها تدريجياً من مكان لآخر، فتتحرك 2 إلى 3 سنتيمتر في اليوم الواحد".
كما أكد وفقاً لشبكة BBC البريطانية أنه شاهد هذه الظاهرة الغريبة مباشرة بعينيه.
وتتميز أشجار النخيل الإكوادورية التي تسمى أشجار "سوكراتيا إكسوريتزا" Socratea Exerrhiza بأنها لا تشبه الأشجار التي تكون جذورها مخفية تماماً تحت الأرض.
وإنما جذورها علوية تبدأ بالقرب من جذوعها، وهو ما يجعلها تبدو كمكنسة منتصبة تجهز نفسها للركض أكثر منها شجرة حقيقية.
يشرح فرسانسكي الظاهرة قائلاً: "مع تآكل التربة، تنمو للشجرة جذور جديدة طويلة تجد أرضية جديدة وأكثر صلابة، فيصل أحياناً طول المسافة التي تتحرك بها جذور الشجرة إلى نحو 20 متراً كل عام".
وأضاف: "ثم ببطء، عندما تستقر الجذور في التربة الجديدة، تنحني الشجرة بهدوء تجاه الجذور الجديدة، ومن ثم ترتفع الجذور القديمة ببطء في الهواء".
موضحاً أنه يمكن أن تستغرق العملية الكاملة لانتقال الشجرة إلى مكان جديد به ضوء شمس أفضل وأرض أكثر صلابة، بضع سنوات.
أما وفقاً لورقة بحثية قدّمها عام 2005 عالم الأحياء جيراردو آفالوس، فيقول فيها إنَّ الأشجار التي تنتج بالفعل جذوراً جديدة أحياناً، تبقى ثابتة بشكل راسخ في مكان واحد.
وأوضح أنّ نمو جذور جديدة لأشجار النخيل الإكوادورية لا يعني أنها تستخدمها للتحرك من مكان لآخر.
وأضاف آفالوس لموقع Live Scienc: "تثبت ورقتي البحثية أنَّ الاعتقاد بأن أشجار النخيل تتحرك مجرد خرافة".
وتابع: إنَّ التفكير بأن شجرة نخيل يمكنها أن تتعقب تغيرات الضوء في الأعلى عبر التحرك ببطء فوق أرض الغابة مجرد خرافة اخترعها الأدلّاء السياحيون للحصول على التسلية من خلال روايتها على زوار الغابة الإكوادورية المطيرة".
ولفت عالم الأحياء الكوستاريكي إلى أن "الأمر مخيب لمن يريد منا أن نصدق أن الأشجار تمتلك أنواعاً أخرى من أشكال قابلية الحركة عدا النمو للأعلى باتجاه الضوء".
سواء أكانت تتحرك أم لا، فإن الشيء المحزن حقاً هو أن أشجار النخيل سوكراتيا إكسوريتزا لا تستطيع المشي أو التحرك بالسرعة الكافية للهروب من مناشر البشر ومناجلهم المدعومة بالتشريعات المحلية للإكوادور.
فباتت معرَّضة لخطر الإزالة بشكل كبير، بعد أن أصبحت محميّة سوماكو موطن الأشجار معروضة للبيع للسكان المحليين من قِبل مؤسسة الإصلاح الزراعي في البلاد.
ويقول عالم الأحياء فرسانسكي إن الإصلاح الزراعي يدعم السكان المحليين من أجل قطع الأشجار والحصول على حقوق المعيشة في المكان.
وأضاف أن ما يحدث هو أن الناس يذهبون إلى موطن أشجار النخيل ويبدأون بقطعها ليمتلكوا الأرض التي تحتها، والتي ينص قانون للبلاد على أنه يمكنهم بيعها بعد 5 سنوات.
كما أشار إلى أنه منذ عام 2010 تمت إزالة نحو 200 هكتار من الغابات قرب محمية سوماكو الواقعة على نهر بيغال، لافتاً إلى أن الإكوادور واحدة من دول العالم التي لديها أعلى تقسيم للمناطق المحمية.
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.