فائض الدولار في الصين يصل لمستويات محيرة.. كيف ستتأثر الأسواق؟

يشهد المخزون الصيني فوائض تجارية وتدفقات قياسية في سوق السندات أدت لتراكم غير مسبوق من الدولار.

إذ تمنح الفوائض التجاريّة في سوق السندات الصيني تدفق هائل لم تشهده الأسواق منذ الأيام.

تم فيها إلقاء اللوم على "وفرة المدخرات الآسيوية" من أجل الحفاظ على أسعار فائدة أمريكية منخفضة للغاية، وتتغذية أزمة القرض العقاري عالي المخاطر.

وعلى العكس مما كان يُتوقع، فقد أعادت الصين بشدة تدوير حيازتها من الدولار في سندات الخزانة الأمريكية؟

فإنّ الكمية الضخمة من احتياطي النقد الأجنبي في الصين تظل مُستقرة على نطاق واسع.

وهذا يعني وفقاً للخبراء أنّ هذا المخزون يتم توجيهه إلى مكان آخر.

ولكن ما هي تلك الوجهة تحديداً؟ تتضمن الإجابة على هذا السؤال شيءً من الغموض حول السيطرة الاقتصادية الصينية، تابع التفاصيل.

حماية من المخاطر المُستقبليّة

على الرغم من كون تدفق الدولار هذا ينتهي به المطاف كودائع في البنوك الصينية.

فإنّ بند "الأخطاء والإغفالات" في ميزان المدفوعات الصيني يشوش الصورة.

لكن الأمر الواضح بأنّ مخزون الدولار الصيني يوفر لها حماية هامة ضد أي صدمات مستقبلية في الاقتصاد العالمي.

في الوقت ذاته الذي تكافح فيه بعض الشركات الفردية الصينية مثل "إيفرغراند" لسداد ديونها.

أما عن إعادة تدوير الفائض فقد أشار "ألفين تان" رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي في آسيا: إلى أنّه "من الصعب للغاية الحصول على رؤية واضحة للكيفية التي يتم فيها إعادة تدوير الفائض الصيني."

الاعتماد على الطلب الأمريكي

تشير تقديرات "مورغان ستانلي" إلى أنّ الودائع المصرفية بالعملات الأجنبية هي أقل بقليل من مستوى قياسي يبلغ تريليون دولار.

بينما بلغ الفائض التجاري خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021 ما يقارب 440 مليار دولار في حين بلغ 325 مليار دولار في عام 2020.

وفي الوقت ذاته ساهمت سياسة "صفر كـ.ـوفـ.ـيد" المُتشددة في إغلاق حدود البلاد، لتبقي ملايين الصينين ومدخراتهم في وطنهم.

وفي هذا يجادل المحللين الاقتصاديين أنّ الحساب الجاري المزدهر سمح لصانعي السياسة في الصين كبح جماح كميات ضخمة من الديون، وبدء حملة طال أمدها للحد من ظاهرة الديون المرتفعة في قطاع العقارات عقب أزمة إيفرغراند المالية هذا العام.

وهنا يقودنا لتساؤل حول ما إذا كان الطلب الأمريكي على السلع سيحافظ على الزحم الكافي لتعويض تداعيات نمو الائتمان الأبطأ في الصين؟

مكاسب اليوان الصيني

تعمل "إدارة الدولة للنقد الأجنبي" في الصين على إصدار بيانات ميزان المدفوعات للربع الثالث من هذا العام يوم الجمعة المقبل.

ويتوقع المحللون أن الصين ستصل لفائض تجاري آخر عندما تَصدرت بيانات أكتوبر يوم الأحد بقيمة وصلت لـ 66.1 مليار دولار.

وقد انزلق الحساب الرسمي الجاري للصين إلى أرقام سالبة في الربع الأول منذ العام 2018 لأول مرة منذ أن انضمت الصين لمنظمة التجارة العالمية؛ مما أثار تساؤلات كثيرة حول تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي.

وكانت قد هبطت الصين إلى المنطقة الخطرة مرة ثانية في الربع الأول من العام 2020 بسبب إغلاقات الأزمة الصحية.

قوة العملة الصينية

إحدى أهم نتائج تدفق الدولار هي قوة العملة الصينية بشكل المستمرة، لتصبح العملة الأفضل أداءً في العام 2021.

لكن هذا لوحده لا يكفي لشرح أسباب تدفق الدولار الهائل.

ومن جانبه قال "يينغ" العضو السابق في لجنة السياسة النقدية لبنك الشعب الصيني في مقابلة مع بلومبرغ أنّ فائض الحساب الجاري من المرجح أن يتراجع عن هذه المستويات مع تراجع الصادرات.

ولكن حتى الآن على الأقل لا تزال الدولارات تدفق بشكل مُستمر.

وقد قدرت مجموعة "غولدمان ساكس" صافي التدفقات النقدية بنحو 14 مليار دولار في شهر سبتمبر.

أي أعلى بكثير من 5.5 مليار دولار التي سجلت في شهر أغسطس، مدعومة بالفائض التجاري للسلع، وشراء المستندات الصينية من قبل الأجانب.

تدوير الدولارات خارج الأسواق الصينية

وفقاً للتحليل الذي أجراه "ستيفن جين" مدير "يوريزون إس إل جي كابيتال" وهو صندوق تحوط وشركة استشارية مقرها لندن.

أنّ معدل تشغيل الفائض التجاري الصيني يقترب من 600 مليار دولار سنوياً.

وأشار إلى أنّ ميزان المدفوعات متدفق بنفس القدر منذ أن سجّل معدل قياسي في عام 2007.

وهناك نظريات أخرى حول إعادة تدوير الدولارات، مثل الشركات الصينية العملاقة التي تستثمر في الخارج، أو تلك التي تستخدم الأموال النقدية في تمويل مشاريع ضخمة مثل مبادرة الطريق والحزام.

وقد كتب جين في مذكرة: "لقد تسببت الأزمة الصحية العالمية في حدوث تشوهات ضخمة في اقتصاد العالم، أحدها يتمثل في الفائض التجاري الكبير للغاية في الصين."

وأضاف "إنّ الأزمة طويلة الأمد." وهذا يعني أنّ مثل هذا الفائض التجاري الممتلئ يجب أن يستغرق وقت طويل الأمد حتى يتلاشى.