يعد القمر الصناعي مجرد مسؤول عن مهمة ما، حيث تعمل وكالات الفضاء على إعادته نحو الأرض عند الانتهاء من المهمة الموكلة إليها.
إذ يحترق أغلبها في الغلاف الجوي للأرض، ولا يصل للأرض سوى أجزاء صغيرة من هذه الأقمار، وترتطم أحياناً أجزاء كبيرة منها بشكل مفاجئ.
مما يشكل خطر على الكرة الأرضية ويكون الأمر أكثر سوء في حال كان القمر يعمل بتقنية الطاقة النووية.
كانت فترة الحرب الباردة بين الولايات الأمريكية والاتحاد السوفيتي هي أولى أزمنة الإطلاق الكثيف للأقمار الصناعية والتي تعمل بالطاقة النووية.
وكان من ضمن هذه الأقمار القمر الذي أطلق ما بين 1959 و1988 وذلك من أجل العمل على تأمين الخدمات للملاحة في الولايات المتحدة.
كما كان هذا من ضمن الأقمار التي تحقق تلك الخدمات وذلك قبل نظام التحديد للمواقع العالمي.
لقد كانت معظم مهام الأقمار التي تم إطلاقها، مهام تجسسية واستطلاعية، وكانت هذه الأقمار تستخدم أجهزة الرادار وذلك بهدف العمل على متابعة حركة الملاحة.
وبسبب فقدان الإشارة الناتج عن بعد المسافة بدأ المختصون يعملون على جعل هذه الأقمار تدور في فضاء الأرض وحولها بشكل منخفض تقريباً.
كانت الطاقة النووية هي الحل في الوقت الماضي وذلك بسبب وجود مقاومة الهواء التي تمنع استخدام الطاقة الشمسية كألواح والذي من الممكن أن يعمل كتقنية تغذية للقمر الصناعي.
حيث كانت معظم هذه الأقمار تحمل المفاعلات BES-5 وتعمل باليورانيوم حيث يجب تخصيب اليورانيوم بنسبة عالية جداً.
وذلك بسبب المساحة والوزن المحدود حيث يجعل التخصيب العالي المفاعلات قوية جداً كما أنها سريعة وذات كفاءة عالية.
بالرغم من صغر حجمها، إذ كان المفاعل BES-5 بوزن 400 كغ وينتج ما يقارب 100 كيلووات من الطاقة الحرارية كما يتم تحويل 3 كيلووات إلى طاقة كهربائية لاستخدامها من قبل القمر الصناعي.
ويتم العمل على تصميم المكان الذي سيتم تركيب المفاعل النووي فيه بوحدة منفصلة، وذلك من أجل قذفه بمجرد انتهاء صلاحية ومهمة القمر الصناعي، مما يمكن القمر الصناعي من العودة الى الأرض بأمان نوعاً ما دون التلويث والخطر من المفاعل النووي.
لقد تم إطلاق هذا القمر في الثامن عشر من سبتمبر سنة 1977 من محطة بايكونور الفضائية في كازخستان، ودخل بعد ذلك في مدار الأرض.
حيث تضمن هذا القمر الصناعي محوّل ثرميوني (حراري) يشغله مفاعل نووي يتضمن حوالي 50 كيلوغراماً من اليورانيوم-235 المتميز بدرجة عالية من التخصيب.
وبسبب كون هذا القمر متقلب وغير مستقر جعل السوفييت يدركون أن هذا القمر سيكون في حالة غير جيدة من حيث الخدمة، ونهاية هذا القمر ستكون نحو الأرض.
لقد حدث خلل في القمر الصناعي الذي كان من المفترض أن يعمل على قذف المفاعل النووي من القمر.
وبسبب خطورة الموقف وأهمية الحدث، قام الاتحاد السوفيتي بإعطاء توضيح لما حصل وإمكانية سقوط هذا القمر وإحداثه لإشعاعات نووية الى الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخرى.
عقدت عدة اجتماعات سرية حول الموضوع مع كبار المسؤولين الأمريكيين اللذين طلبوا من الاتحاد السوفييتي المعلومات المفصلة عن هذا القمر ومفاعله النووي ضمن Cosmos 954 .
فعملت الولايات المتحدة على إخبار الشركاء في حلف الناتو وتم عرض المساعدات عليهم في العمل على تنظيف التلوث النووي الذي قد يحدث نتيجة سقوط قمر Cosmos 954 الصناعي.
سقط هذا القمر فوق كندا إذ دخل الغلاف الجوي في تاريخ الرابع والعشرين من يناير سنة 1978، ووقعت شظايا منه على طول 600 كيلو متر.
تم العمل ما بين دولة كندا والولايات المتحدة الأمريكية على البحث والتنظيف، حيث كلفت هذه العملية كندا ما يقارب الـ 14 مليون دولار كندي، كما أنفقت الولايات الأمريكية ما يقارب ال 3 مليون دولار أمريكي.
بلغ وزن القمر الصناعي بين 4 إلى 5 أطنان، ولم يتم استعادة سوى 65 كيلوغراما من الحطام خلال عمليات البحث والتنظيف.
فبدأت تنتشر المخاوف بعد عمليتي التنظيف أنه قد يكون قسم من المفاعل ضمن قمر Cosmos 954 قد توجه نحو قاع البحر مما يجعله خطير للغاية، وذلك لأن الماء تلعب دور المبطئ لحركة النيوترونات مما يسمح للتفاعل بالبدء والحركة.
أجريت العديد من الدراسات حول الموضوع فالبعض توصل إلى أن 22 كيلوغرام فقط هي الكمية التي تشكل خطر في حالة ظروف سقوط قمر Cosmos 954..
استمر البحث على المفاعل النووي المتبقي إلا أنه لم يتم إيجاده فخلص الباحثون إلى أنه من المحتمل أن ربع كمية المفاعل النووي على الأقل قد سقطت على شكل جزيئات لا يزيد قطرها عن 1 ملم.
كما تبخرت الأقسام المتبقية على شكل ضباب معلق في الغلاف الجوي لمدة طويلة، ثم تحولت نحو الأرض بشكل بطيء.
لم يكن قمر Cosmos 954 الصناعي هو القمر الأول الذي يحمل مفاعل نووي.
بل كانت هنالك العديد من التجارب المشابهة التي خاضت بها الدول نفس المخاوف وحالة القلق، كما كانت تشكل خطر حقيقي على الأرض والبشر والبيئة بشكل مجمل والكرة الأرضية.
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.