في كل عام تنزع المملكة العربية السعودية كسوة الكعبة القديمة، وتستبدلها بكسوة جديدة.
مستعدة لبدء موسم الحج، وقد بدأ ذلك منذ حجة الوداع التي حجها النبي صلى الله عليه وسلم.
يقوم بعملية الاستبدال عشرات الفنيين والصناع المهرة تحت إشراف وتنفيذ الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.
وهنا يتبادر إلى الأذهان تساؤل "أين تذهب كسوة الكعبة القديمة؟"
في تصريح سابق لـ مدير عام مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة أحمد المنصوري، لقناة "العربية" أنه وفق الخطة التشغيلية والفنية لتبديل الثوب القديم بالثوب الجديد فجر عرفة.
يقومون بتفكيك أركان الكسوة من المذهبات، في ظهر الثامن من شهر ذي الحجة، وبعدها تطبق إجراءات ونظام المستودعات الحكومية على الكسوة القديمة.
إذ يقومون بإجراءات الحفظ الفني الذي يناسبها بحيث تكون بعيدة عن التفاعلات الكيميائية أو تسلل البكتيريا إليها.
وأفاد المنصوري في تصريحه إلى أن استهلاك الكسوة يبلغ حوالي 670 كيلو غرام من الحرير الخام الذي يصبغ داخل المجمع باللون الأسود.
و120 كيلو غراماً من أسلاك الذهب و100 من أسلاك الفضة.
ويقومون بتزيينها بالحرير المبطن بالقطن، وتنسج الآيات القرآنية فوقها مشغولة بخيوط من الذهب والفضة والتي تعد تراثًا قيّماً.
يصل ارتفاع الثوب إلى 14 متراً، وفي الثلث الأعلى منه يتوضع الحزام ذو عرض 95 سنتمتراً وطول 47 متراً، والذي يتكون من 16 قطعة بالزخارف الإسلامية بشكل مربع.
والكسوة عبارة عن 5 قطع، كل قطعة مغطاة بوجه من أوجه الكعبة المشرفة، وترمز القطعة الخامسة إلى الستارة التي توضع على باب الكعبة المشرفة.
تنزع الكسوة مع بداية دخول شهر ذي الحجة كل عام عدة أمتار، ويتم تبطينها بالقطن وفي عشية يوم عرفة تستبدل بميزة جديدة.
فتبدو الكعبة مختلفة بالعيد مع المسلمين بثوبها الجديد.
وقد بدأت العادة في حجة الوداع، حيث بدل النبي صلى الله عليه وسلم كسوة الكعبة بأقمشة يمانية، وقلده الخلفاء الراشدون، وما زالت إلى اليوم الحالي.
وتنافس الخلفاء في كسوتها فقد كساها هارون الرشيد مرتين في العام، المأمون كساها 3 مرات في العام.
وقد كساها معاوية بن أبي سفيان مرتين في العام: المرة الأولى في يوم عاشوراء والثانية قبل عيد الفطر.
تُسلم الكسوة القديمة في الوقت الحالي إلى لجنة من الحكومة السعودية، تتولى تقطيعها إلى قطع صغيرة.
ثم تقوم بتوزيعها هدايا على كبار الشخصيات والدول والسفارات في المملكة العربية السعودية.
وتعرض كسوة في جامع أولو بمدينة بورصة التركية تعود إلى عام 1517، وهي في نفس المكان الذي أودعها فيه السلطان سليم الأول.
حيث حصل عليها من مصر عقب الحكم العثماني، وتعد أقدم كسوة كاملة للكعبة موجودة بحالتها الكاملة في العالم.
وتستعد مصر لعرض جزء من كسوة الكعبة من العام الماضي في متحف العاصمة الإدارية الجديد، كما تعرض أجزاء من كسوة القديمة في معرض النسيج بالمعز في القاهرة من حين لآخر.
وعرض المتحف العام الماضي قطعتين من كسوة الكعبة باللون الأخضر والأسود، ترجعان إلى نهاية العصر المملوكي وبداية العصر العثماني.
الخضراء كانت جزءا من كسوة الحجرة النبوية الشريفة، والسوداء كانت جزءا من كسوة الكعبة المشرفة، وفي وقتنا الحالي توجد كسوة قديمة في دار صناعة الكسوة التي تأسست بالقاهرة عام 1233 للهجرة.
بدأت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وكانت تصنع من الأقمشة اليمانية إلى عهد معاوية بن أبي سفيان، الذي قام بتعطير الكعبة في موسم الحج وفي شهر رجب، وكساها مرتين في العام.
وكانت تصنع من أفضل الأقمشة الدمشقيّة ويتم إرسالها إلى مكة من منطقة الكسوة في دمشق، لذلك أطلق عليها اسم كسوة الكعبة.
ثم انتقلت صناعتها إلى مدينة تنيس المصرية، فصنعت هناك الكسوة الفاخرة من الحرير وتطريزها.
تعتبر صناعة كسوة الكعبة بمثابة شرف لدى المصريين، ففي عام 751 للهجرة، قام ملك اليمن بصناعة كسوة من بلاده، ولحقه الفرس والعراق، لكن أصر حكّام مصر على الاستمرار في صناعتها.
وقد خصص الملك الصالح الناصر بن قلاوون في وقفاً في مصر لكسوة الكعبة مرة كل سنة.
وعملوا بهذا القانون بشكل منتظم سنوياً حتى عهد محمد علي، إذ حصل خلاف سياسي بسبب طرق احتفالات قافلة كسوة الكعبة، عندها توقفت مصر لأكثر من 6 سنوات عن صناعتها.
حتى تأسست دار صناعة الكسوة في القاهرة عام 1233، واستمرت بصناعتها حتى عام 1381 للهجرة (1962 للميلاد)، إذ أصبحت المملكة العربية السعودية تقوم بذلك.
أسس الملك عبد العزيز آل سعود دار كسوة الكعبة، وزوّدت الدار بآلات النسيج والتطريز التي يتم تحديثها كل عام، وتضم الدار أكثر من 200 عامل.
وتقوم بإنتاج كسوة الكعبة الخارجية والداخلية، والكسوة الداخلية للحجرة النبوية الشريفة.
وتصل كلفة كسوة الكعبة أكثر من 20 مليون ريال سعودي، تقريباً 5.3 ملايين دولار، وبذلك تكون أغلى ثوب في العالم.
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.