إذا سألت عدة أشخاص عن الصرح الأشهر في العالم أو عن معلم تتميز به مدينته وبلده، فنسبة من الإجابات ستكون أهرامات الجيزة في مصر أو البيت الأبيض في واشنطن الأمريكية.
وربما تمثال السيد المسيح الموجود في ريو دي جانيرو البرازيلية.
وبكل تأكيد فإن الإجابة التي ستحصد أكبر عدد من الأصوات هي برج إيفل الموجود في باريس عاصمة فرنسا.
هذا البرج لا يعرف فقط في باريس، وإنما هو رمز لفرنسا كلها والمعلم الأساسي الذي جعلها المقصد الأول للسياح في كل العالم (85 مليون سائح عام 2013).
يوجد معلومة غريبة وغير معروفة كثيراً بين الناس بشكل عام، عن برج إيفل الذي تم بناؤه في عام 1889.
إذ أنه غير مسموح تصويره في الليل، رغم أن صوره التي تلتقط نهاراً من الأشهر في العالم.
كما أن المجسمات التي تمثله تنتشر في كل مكان، لكن من غير القانوني تصويره في الليل او استخدام صوره الليلية (رغم أنه لا يتم تفعيل هذا القانون فعلياً، لكنه موجود كنص وقابل للتطبيق حالما أرادوا).
وتملأ صور البرج نتائج بحث غوغل، لكن قلما يحتوي على صور للبرج ليلاً تجنباً لأي عواقب قانونية.
يرجع سبب المنع إلى أنّ العمارة تعتبر أحد الفنون المتعارف عنها أنها فناً، مما يجعلها محمية بحقوق الملكية الفكرية.
فعلياً ليس البرج وحده المحمي بهذه القوانين، فيوجد عدة مباني حول العالم ذات تصاميم محمية من السرقة والاستنساخ ومن أشهرها مبنى (Mary Axe).
وهو يشبه البيضة ويوجد في العاصمة الإنجليزية لندن، و (دولاب الهواء) الذي يسمى (عين لندن)، كلاً منهما محمي من الاستنساخ بحقوق الملكية الفكرية لمصمميهما.
لكن هذين المبنيين والكثير من المباني الأخرى غير ممنوع تصويرها، عكس برج إيفل الذي غير مسموح ظهوره في الليل في أي صور وإن كانت بانورامية.
عموماً يوفر قانون حقوق النشر لصانع أي منتج جديد -اختراعاً أو بناءً أو فيلماً أو حتى صورة- حق الاحتكار لمنتج، ويضم هذا الحق حقوق البيع والنشر طول فترة حياة الصانع الأصلي.
بالإضافة إلى عدة سنوات تختلف من بلد آخر، فالمدة الإضافية في باكستان خمسون عاماً، وفي فنزويلا ستون عاماً، وفي جامايكا خمسة وتسعون عاماً.
وفي بعض البلدان يبلغ حق الاحتكار للمنتج سبعون عاماً إضافية بعد موت المخترع الأصلي منها الاتحاد الأوروبي، إذ يتصرف أعضاءه كبلد واحد بخصوص عدة قوانين، منها قانون حقوق النشر.
بعض استثناءات قانون حقوق النشر الأوروبي حرية التصوير البانورامي وهو نوع من التصوير العريض، يأخذ زاوية عريضة، يتم التقاط صورة عامة للمدينة أو أي مكان آخر دون التركيز على تفاصيل خاصة.
قانون حرية التصوير البانورامي أي تستطيع تصوير كل شيء تراه عيناك في الأماكن العامة، ولك كامل الحرية إذا أردت صناعة مقاطع فيديو لتلك الأماكن وإعادة إنتاجها وبيعها.
لكن يوجد استثناءات أيضاً خاصة في فرنسا، إذ يسمح الاتحاد الأوروبي لأعضائه ألا يحدّوا من حرية التصوير البانورامي في قوانينهم الخاصة لحقوق النشر، لكن فرنسا لا تتيح تلك الحرية.
يعود ذلك لأن قوانين الملكية الفكرية في الاتحاد الأوروبي تختلف عن بعض الحالات الخاصة في فرنسا، فهي في الوقت الحالي البلد الأوروبي الوحيد الذي لا يسمح تصوير المباني حتى في الصور البانورامية.
إلا أنّه صار من الممكن أخذ صور للأبنية المحمية بقانون حقوق النشر للإستعمال الشخصي فقط في عام 2016.
وكل استعمال تجاري لهذه الصور يعد خرقاً لحقوق النشر وفق القانون الفرنسي، فإذا أخذت صورة أو فيديو لسماء باريس مثلاً واستخدمتها لغرض ربحي فهذا ممنوع.
ويجب عليك طمس أو إخفاء بعض الأبنية المحمية، التي تم تصميمها من قبل مهندسين معماريين بعضهم لايزال على قيد الحياة، وبعضهم ربما توفى منذ أقل من سبعون عام.
فهي لازالت محمية، وفي حال صُورَّت لأغراض تجارية فبإمكان أصحابها مقاضاة الفاعل.
توفي مصمموه منذ زمن (مع العلم أن غوستاف إيفل المسمى على اسمه البرج ليس هو المصمم حقيقيةً، وإنما قام بشراء حقوق التصميم).
كما سقطت حقوق الملكية الفكرية الخاصة بتصميمه منذ عام 1993، أي بعد مررور سبعون عاماً على وفاته، كأي عمل فني آخر يوجد في فرنسا أو في الاتحاد الأوروبي بشكل عام.
لذلك فإن برج آيفل، ومظهره الخارجي، وتصميمه حالياً أصبح من ضمن الأماكن العامة، وكل النسخ المصغرة له التي يتم بيعها في شوارع باريس في أيامنا قانونية تماماً.
السبب المفاجئ لذلك هو أن الأضواء التي توجد في برج آيفل ذلك العمل الفني بجدارة، والتي حميت بقانون حقوق النشر.
خلال عقود من بناء ذلك البرج، لم يكن مضاءً ليلاً، ولم يحدث حتى عام 1985، والنمط الخاص بتوزيع الأضواء على البرج يعتبر عملا فنياً.
لذلك لايزال يخضع لحقوق الملكية الخاصة بالمصممين الأصليين، لهذا فإن استخدام أي صورة أو فيديو لأغراض تجارية (حتى عرضه ضمن فيديو على موقع يوتيوب أو إظهاره في موقع إلكتروني).
وبما أنّ فرنسا لا تتقيد بقوانين الاتحاد الأوروبي التي تنص على حريّة صور البانوراما.
فهناك عدة مباني فرنسية غير برج إيفل تُحمى بحقوق ملكية فكرية لأن مصمميها لا زالوا أحياء أو لم يكتمل سبعون عاما على وفاتهم.
لذلك فإن تصوير الأفق الباريسي يعتبر أمراً محبطاً للبحث عن نقطة تتيح عدم إظهار الأبنية المحمية بحقوق ملكية فكرية ضمن الصور.
وربما تشمل هذه الحقوق الهرم الزجاجي الخاص بمتحف اللوفر، لأنه لم يتم بناءه قبل عام 1980.
ختاماً، رغم وجود هذه القوانين لكنها نادرة التطبيق في هذا المجال، كما أنّ احتمال مقاضاة أحد ما نتيجة استخدامه صور مبانٍ محمية بحقوق ملكية شيء مستحيل نوعا ما إحصائياً.
لكنه متاح نظرياً، ومن الأفضل البقاء بأمان والابتعاد قدر المستطاع عن المحتوى المحمي بحقوق ملكية.
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.