يبلغ بعد الشمس عن الأرض مئة وخمسين مليون كيلومتر تقريباً، ورغم ذلك نشعر بدفئها وحرارتها.
هذا ما يجعل برودة الفضاء الخارجي الشديدة أمراً مثيراً للدهشة والحيرة؟! وهذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.
بدايةً يجب أن نفهم مصطلحين يُستخدمان بالتبادل هما الحرارة Heat، ودرجة الحرارة Temprature.
يعرف مصطلح الحرارة على أنّه الطاقة المخزنة في جسم معين، ويتم قياس درجة حرارة أو برودة ذلك الجسم وفق مصطلح درجة الحرارة، لهذا عندما تنتقل الحرارة إلى أحد الأجسام، ترتفع درجة حرارته، وتنخفض عندما تستخلص الحرارة منه.
ويحدث انتقال الحرارة عبر ثلاثة طرق: التوصيل والحمل الحراري والإشعاع.
التوصيل: تنتقل الحرارة بالتوصيل في المواد الصلبة، فعندما تسخن الجسيمات الصلبة، تبدأ بالاهتزاز والتصادم مع بعضها، وهذا يسبب نقل الحرارة من الجسيمات الأكثر سخونة إلى الجسيمات الأكثر برودة.
الحمل: انتقال الحرارة بالحمل ظاهرة تحدث في السوائل والغازات، كما يحدث هذا النمط على السطح بين المواد الصلبة والسوائل، فعندما يسخَّن السائل، ترتفع الجزيئات إلى الأعلى حاملة معها الطاقة الحرارية، أفضل مثال على ذلك هو سخان الغرفة.
فعندما تسخن المدفأة الهواء المحيط، ترتفع درجة حرارة الهواء ويرتفع الهواء إلى أعلى الغرفة؛ مما يدفع الهواء البارد الموجود في الأعلى إلى التحرك نحو الأسفل والتسخين، مكوناً تيار حراري.
الإشعاع الحراري: تنتقل الحرارة بالإشعاع عبر إطلاق الجسم حرارة بشكل ضوء، إذ أنّ كل المواد تشع قدرًا من الطاقة الحرارية اعتماداً على درجة حرارتها، فجميع الأجسام في الغرفة والبشر أيضاً، تشع الحرارة بشكل موجات الأشعة تحت الحمراء، تستطيع كاميرات التصوير الحراري أن تكتشف الأشياء حتى في الليل.
فيزداد إشعاع الجسم بزيادة سخونته، وأكبر مثال على الإشعاع الحراري هو الشمس التي تنقل الحرارة عبر النظام الشمسي.
تؤثر درجة الحرارة فقط على المادة، ولا يوجد في الفضاء عدد كافي من الجزيئات، ويكاد يكون فراغًا بشكل كامل ومساحة لا نهاية لها، مما يجعل نقل الحرارة غير فعّال، فمن غير الممكن نقلها بالتوصيل أو الحمل الحراري.
عندما تسقط حرارة الشمس على أحد الأجسام بشكل إشعاع، فستبدأ ذراته في امتصاص الطاقة، التي ستحرك الذرات وتجعلها تهتز وتنتج حرارة، ونتيجة عدم وجود طريقة لتوصيل الحرارة، ستبقى حرارة الأشياء في الفضاء كما هي لمدة طويلة، فتبقى الأشياء الساخنة ساخنة والباردة تبقى باردة.
لكن عند دخول إشعاعات الشمس إلى الغلاف الجوي للأرض يتم تنشيط الكثير من المواد، ثم نشعر بإشعاع الشمس كحرارة.
عندما يوضع أحد الأجسام خارج الغلاف الجوي للأرض وفي ضوء الشمس المباشر، سيسخن إلى مئة وعشرون درجة مئوية، أمّا الأجسام التي توجد حول الأرض وفي الفضاء الخارجي ولا تتعرض لأشعة الشمس بشكل مباشر تصل درجة حرارتها إلى عشر درجات مئوية.
هذه الدرجة تسخن بعض الجزيئات التي تخرج من الغلاف الجوي إلى الأرض، ورغم ذلك إذا قمنا بقياس درجة حرارة الفضاء الفارغ بين الأجرام السماوية في الفضاء، ستكون ثلاثة كلفن فقط فوق الصفر المطلق.
باختصار لا نشعر بدرجة حرارة الشمس إلا إذا وجدت مادة تمتصها، والفضاء فراغ بشكل كامل، هذا ما يسبب البرودة.
من المعروف أن المناطق المظللة باردة، ففي الليل مثلاً تنخفض درجات الحرارة بسبب عدم وجود إشعاع يضرب هذا النصف من الأرض، فالأشياء التي لا تتعرض لأشعة الشمس أبرد من التي تتعرض لها، لكن تختلف الأشياء قليلاً الفضاء، ففي الفضاء سيتعرض الجسم إلى درجتي حرارة على جانبيه.
ومثال على ذلك القمر، تصل درجة حرارة المناطق التي يصل إليها ضوء الشمس إلى 127 درجة مئوية، بينما درجة حرارة الجانب المظلم منه -173 درجة مئوية.
يعود ذلك إلى وجود الغلاف الجوي، فتنعكس موجات الأشعة تحت الحمراء التي تأتي من الشمس وتدخل الغلاف الجوي للأرض وتتوزع بشكل متساوي، هذا ما يجعلنا نشعر بالتغير التدريجي في درجة الحرارة بدلاً من السخونة أو البرودة الشديدة.
وتبقى درجة حرارة النظام على حالها، عند عدم وجود جسم يسخن، وهذا هو حال الفضاء؛ فقد ينتقل عبره إشعاع الشمس، لكن لعدم وجود مادة ناقلة تمتص الحرارة يبقى بارداً، فحتى عندما تكون الشمس حارة، تبقى حرارته كالجليد!
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.