حاول الكيميائيون في العصور الوسطى تحويل المعادن الأساسية إلى ذهب.
كانوا يهدفون بشكل أساسي للوصول إلى مادة سمُّيت بعدة أسماء مثل: "حجر الفلاسفة" أو "الإكسير" أو "الأثير"، التي قد تعطي صفة الخلود والشباب.
كما أنّها تشفي من كافة الأمراض، وتعتبر ثروة عظيمة بالنسبة إلى الذين يمتلكونها.
أهم خواص "الإكسير" أنه يستطيع تحويل المعادن الأساسية كالرصاص إلى قطعة ذهب لامع، وتسمى هذه العملية "التحويل".
يعتبر الإكسير مادة الأساطير، ورغم ذلك لم يستطيع الكيمائيون تحويل الرصاص إلى ذهب، بسبب عدم وجود أي تفاعل كيميائي عادي يستطيع تحويل عنصرًا إلى عنصر آخر.
يتكون كل عنصر كيميائي من عدد البروتونات (العدد الذري) وعدد النيوترونات (البروتونات + النيوترونات= عدد الكتلة)، عدد الكتلة يتكون منه نواة العنصر، بينما عدد الإلكترونات ليس محددًا لهوية العنصر.
فبالنسبة للرصاص عدده الذري 82 أي يوجد 82 بروتون في نواته، أما الذهب فعدده الذري هو 79.
وليتم تحويل عنصر إلى آخر يجب تغيير عدد البروتونات الموجودة في النواة.
في حال تم تغيير عدد النيوترونات وبقي عدد البروتونات في النواة ثابتا، ستتشكل النظائر.
وللرصاص أربعة نظائر تنتج بشكل طبيعي، وهناك عدد وفير من النظائر التي تنتج مخبرياً.
ترتبط هذه الجسيمات مع بعضها عن طريق قوى نووية قوية تضمن استقرار النواة، وللتغلب على هذه القوى يجب تأمين كميات كبيرة من الطاقة.
ولو نجحت عملية تغيير مكونات نواة العنصر يسبب ذلك إخلال توازن القوى داخله.
ويقوم بطرد الجسيمات دون الذرية حتى يصل إلى حالة أكثر استقرارً، كما يحصل في التحلل الإشعاعي.
لا يمكن للذرات كبيرة الحجم أن تتعامل مع حجمها، وهذا يجعلها غير مستقرة.
إذ تقوم هذه الذرات بتقليل الوزن الإضافي عن طريق طرد البروتونات والنيوترونات (جسيمات ألفا) والإلكترونات (جسيمات بيتا) والإشعاع الكهرومغناطيسي (أشعة غاما).
وغالبية العناصر التي تقع بعد البزموت في الجدول الدوري مشعة، لكن التحليل الإشعاعي لا يُعتبر طريقة مجديّة لإنتاج الذهب ويعود ذلك إلى عدة أسباب:
تأخذ العناصر المشعة فترات طويلة قد تكون شهور أو سنوات أو حتى تتحلل إلى عناصر ذات إشعاع أكبر ، فـ الراديوم-226 يحتاج 1600 عاماً كي يتحلل نصفه.
هذا وتسبب الانبعاثات المشعة أمراضًا كالسرطان ومشاكل في الغدة الدرقية.
يتحول اليورانيوم والثوريوم والراديوم في النهاية إلى رصاص بعد أن ينتهي التحلل، لكن الرصاص لا يتحلل أكثر لكونه مستقر، والتحدّي الأكبر هو أن الرصاص لا يملك أكثر من الذهب سوا ثلاثة بروتونات.
أفضل خيار هو استخدام الزئبق، فهو يزيد عن الذهب بـ بروتون واحد فقط، أو ربما البلاتينوم الذي يقل عن الذهب ببروتون واحد.
تعود أول تجربة تحويل معدن أساسي إلى ذهب إلى سنة 1924، فقد عمل الباحث الياباني ناغواكا، والألماني مييث وستامري على تحويل الزئبق إلى ذهب، عن طريق تعريض الزئبق إلى تيارات كهربائية عالية.
لكن أتت تلك التجارب التي تعتمد على التيارات بنتائج سلبية أثارت الجدل.
مما دفع الباحثون عام 1941 إلى استهداف الزئبق بالنيوترونات السريعة، فحولوه إلى ذهب وبلاتين.
كما استهدفوا البلاتينوم بالديوترونات (وهي نواة بروتون ونيوترون، نواة الديتيريوم) عام 1936، فتشكلت نظائر البلاتينوم المشعة التي تحللت إلى ذهب.
ومن ثم قام الباحثون عام 1996، بإجراء تجربة للحصول على الذهب فقد عرضوا الرصاص إلى 600 ميغافولت من البروتونات.
غالبيّة الذهب مشعًا، وبالتالي فهو غالباً سوف يتحلل، وليس هناك طرق تحوّل الذهب المشع إلى ذهب عادي حتى اليوم.
كما أنّ جميع التجارب أجريت للحصول ذهب بكميات قليلة لا تزيد عن 1 ميلي غرام، ولم ينتج الذهب إلا بكميات ضئيلة فقط.
ويذكر أنّ قيمة الذهب الذي حصل عليه مييث وستامريش تعادل دولارًا فقط، في حين أن كلفة التصنيع 60,000 دولار، وعليه حتى تحصل على قليل ذهب صالح للاستخدام سيكلفك هذا الكثير والكثير.
لكن اهتمام الباحثين الذين قاموا بهذه التجربة تركز على دراسة سلوك الذرات والجسيمات دون الذرية أكثر من اهتمامهم بالحصول على ثروة من الذهب.
كما استفاد العلماء من تقنياتهم الخاصة بالتحويل ليحصلوا على عناصر جديدة كالبروميثيوم والتكتينيوم وعدة عناصر أخرى تنتمي إلى سلسلة اللانثايد والأكتينيد التي صنعها البشر.
وفي عام 2020 أعرب الباحثون عن صنع عنصر جديد عدده الذري 113، من خلال سحق ذرات الزنك بذرات البزموت.
وقد أخذ الأمر أكثر من 4 مليارات عملية تصادم، حتى تمكنوا من صناعة العنصر ثلاث مرات فقط.
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.