"تأثير الباب".. لماذا تصيبنا حالة من النسيان عند فتح الثلاجة؟

كثيراً ما يحدث موقف أن تنسى ماذا كنت ستفعل، ربما تضع الجوال في جيبك وتسأل أين وضعته، أو قد تدخل إلى المطبخ وتقول لماذا دخلت؟ هذا الموقف الذي تواجهه له تقسيراً علمياً.

إذ يطلق العلماء على هذا النسيان الناجم عن التغيير الفوري للمكان مصطلح "تأثير الباب".

كيف يفسّر العلماء هذا الأمر؟

رغم أنّ هذه الأخطاء قد تسبب لنا الإحراج، لكنها تحدث بشكل شائع، وبحسب عالم النفس توم ستافورد فإنّ تلك الحالة التي تحدث مع المزيد من المعلومات والخصائص تشير إلى قوة الذاكرة البشرية أو ضعفها.

وباعتقاد علماء النفس فإن المشي من خلال الباب ودخول غرفة مختلفة يسبب ما يسمى "انسداداً عقلياً" في الدماغ.

ما علاقة الأبواب بهذه الظاهرة؟

ومعنى ذلك أن المشي عبر الأبواب المفتوحة يضبط الذاكرة مجدداً كي تسنح الفرصة لتظهر حلقة جديدة، ويسمى هذا بشكل عام تأثير الباب أو المدخل، وبالنسبة للعلماء فتلك الحالة أكثر من كونها مصدر للإزعاج.

فهم يعتقدون أنّ حالة النسيان الناتجة عمّا يسمى "تأثير الباب" تصدر بشكل أساسي من مبدأ عمل العقل البشري، فالعقل يقوم بتخزين الأحداث والأفكار بطريقة منفصلة ويربطها بالبيئة، لكنه عندما يغير بيئته يواجه صعوبة في تذكُّر معلومات البيئة القديمة بشكل فوري.

دراسات الباحثين في جامعة نوتردام

قام فريقاً من الباحثين في جامعة نوتردام بقيادة البروفيسور غابرييل رادفانسكي بإجراء العديد من الدراسات عام 2011، محاولين إيجاد تحليل علمي لهذه الحالة، وفي آخر البحث ومن خلال التجارب التي قاموا بإجراءها على مئات المشاركين توصلوا إلى نظرية "تأثير الباب"، التي تمثل حالة مؤقتة من النسيان عندما تدخل عبر مدخل إلى مكان جديد.

كأن تدخل إلى غرفة أو تخرج منها، إذ فسروا تلك الحالة بأن العقل يقوم بتكوين ذاكرة جديدة عندما تدخل إلى مكان جديد، ويزيح الذاكرة القديمة إلى الذاكرة البعيدة.

والسبب الآخر بحسب عالم النفس توم ستافورد هو أنه قد يوجد طاقات كهربائية في البوابات الجديدة التي نعبرها، تؤثر بشكل سلبي في الذاكرة ذات المدى القصير، فيقوم بتحويلها إلى ذاكرة جديدة، وهذا يكشف عن مدى قوة أو ضعف ذاكرة الشخص.

تجربة نوتردام

أجرى غابرييل رادفانسكي وزملاؤه في جامعة نوتردام سلسلة دراسات تم من خلالها ملاحظة أن تبديل الغرف والمشي عبر الأبواب ينسينا الأشياء في الواقع.

فقد قاموا في أول دراسة بتجنيد عشرات المشاركين كي يستخدموا الكمبيوتر بهدف التنقل في بيئة تبنى عبر الواقع الافتراضي المصورة على شاشة تليفزيون، وهي تضم 55 غرفة، البعض كبير والآخر صغير.

ويوجد على كل طاولة عنصر غير مرئي بمجرد أن يلتقطه المشارك، وكانت مهمة المشاركين هي أن يلتقطوا عنصر وينقلوه إلى طاولة أخرى، إذ ينبغي وضعه والتقاط عنصر جديد.

نتائج تجربة نوتردام

وتمت الملاحظة أنّ أداء ذاكرة المشاركين عندما عبروا باب مفتوح أسوء منه عندما مشوا على ذات المسافة في الغرفة نفسها، أي عندما لم يعبروا الباب، كما اختبر الباحثون أثر فتح الباب على الغرف الحقيقية التي كان المشاركون يتمشون فيها في بيئة حقيقية، ومن المهم تدوين نفس الملاحظات.

حيث أن من الصعب على الأشخاص أن يتذكروا الشيء السابق عندما يمروا من خلال أحد الأبواب.

أسباب حالة النسيان

ليس هناك تفسير ملموس لتلك الظاهرة، لكن باعتقاد علماء النفس أن عبور المدخل إلى غرفة أخرى ينشأ كتلة دهنية في الدماغ، تدعم هذه الفرضية دراسة أخرى عن الذاكرة بينت أن الأشخاص الذين يعبرون المداخل قد تعرضوا إلى "انقساماً" في ذاكرتهم.

ولكن مرحلة النسيان التي قد تتعرض لها بعد أن تدخل غرفة جديدة لا تخبرك بأي شيء عن ذاكرتك أو ذكائك أو قدراتك المعرفية، لهذا عندما تدخل غرفة وتنسى سبب ذلك بشكل مفاجئ، عليك ألا تفكر بالزهايمر أبدا.

تكوين الدماغ البشري

اعتقد العلماء في أول سنوات أبحاث الدماغ التي كانت في نهاية القرن العشرين، أن ذاكرة الإنسان كالخزانة، فيها عدة أقسام وتستطيع تخزين الخبرات والذكريات التي اكتسبناها خلال حياتنا على شكل صناديق صغيرة.

وقد اعتقدوا أن تلك الصناديق باقية إلى الأبد، وكلما اضطُررنا إلى النظر فيها استطعنا أن نذهب إلى القسم المحدَّد واستعادة الصندوق الذي نريد.

دحض نظرية تكوين الدماغ البشري

رغم جمال وصف تكوين الذاكرة البشرية، ففي السنوات التالية تم الكشف أن ذلك الوصف غير صحيح، فدماغنا معقدة أكثر من ذلك، فقد بينت الدراسات الحديثة قدرة الدماغ البشري على التغيير طوال حياة الشخص. 

كما إن ذكريات الإنسان عرضية عكس السرد الخطي الواضح، فهي مجزأة وتعتمد بشدة على الشخص الذي يقوم بصناعتها، فمثلا تختلف الطريقة التي يتذكر بها الإنسان حادثة معينة بين شخص وآخر.