الطواف حول الكعبة سباحةً.. من فعلها قبل 80 عاما؟

في عام 1941 أي قبل 80 عاماً قام الشاب البحريني "علي العوضي" بنوع غريب من العبادة، فقد سبح حول الكعبة بعد أن هطلت أمطار غزيرة على مكة المكرمة، فغمرت المياه صحن المطاف أكثر من المتر والنصف.

وغطت الحجر الأسود، وقد دونت كتب السير تلك الحادثة، كما تم توثيقها بالصور، سوف نتحدث في هذا المقال عن تفاصيل تلك الحادثة، وقصص أخرى مشابهة. 

أشار "علي العوضي" في تقارير صحافية، أنه في نفس العام، كان يدرس في مكة ولم يكن عمره يتجاوز اثني عشر عاماً، حينها هطلت أمطار غزيرة في مكة، وقد دامت لمدة أسبوع لم تنقطع لا ليلاً ولا نهاراً.

وفي آخر يوم من أيام المطر، قرر العوضي وأخيه واثنين من أصدقائه برفقة أستاذه، أن يذهبوا إلى الحرم المكي.

وعندما وصلوا وجدوا أنّ الماء قد غطى الحرم فوقفوا لمشاهدة ذلك المنظر، فاقترح العوضي على زملائه أن يقوموا بالطواف حول الكعبة المشرفة سباحة، كي يحصلوا على تلك العبادة سباحة.

وسرعان ما نزلوا جميعاً لينفذوا الفكرة، وقد تم التقاط صورة للعوضي عندما كان قرب مقام إبراهيم، بينما صديقه وأخيه يجلسان على باب الكعبة كي يستريحوا بعد أن قاموا بتلك الطواف المختلف النادر.

تاريخ الطواف بالكعبة سباحةً

تناقلت السير قصة المطر مع الكعبة المشرفة، إذ تعود إلى العصور الأولى من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أي قبل البعثة، يوم انهدم البيت العتيق نتيجة المطر وساهم الرسول في عملية البناء، فقام بوضع الحجر الأسود مكانه.

كما جاء في كتاب "كشف الخفاء ومزيل الإلباس" أن البدر بن جماعة واحد من العلماء الذين طافوا سباحة بالبيت العتيق، وكان كلما تحاذى مع الحجر الأسود، غاص لتقبيله، كما كان الصحابة الكرام يطرقون كل أبواب الطاعة حتى ولو كانت في ذلك مشقة أو عقبات، طمعاً في رضا الله عز وجل.

منهم صحابي جليل، طاف بالكعبة سباحة عندما جاء سيل فأغرق صحن الطواف، ليؤدي عبادة لم يظفر بها إلا القليل، وهذال دليل على حبه للعبادة والطاعة،  وهو الصحابي عبد الله بن الزبير.

طواف الصحابي عبد الله بن الزبير

بحسب ما نقلت السيرة أنّ الصحابي عبدالله بن الزبير بن العوام هو أول من طاف بالبيت العتيق سباحة، وقد اخراج ابن أبي الدنيا حديث رواه ليث عن مجاهد، إذ قال فيه:"ما كان باب من العبادة إلا تكلفه ابن الزبير، ولقد جاء سيل بالبيت العتيق، فرأيت ابن الزبير يطوف سباحة".

فقد ترعرع عبد الله بن الزبير في بيت النبوة، في حجر خالته السيدة عائشة -رضي الله عنها-، عرف بالشجاعة منذ طفولته، وقد بايع الرسول وباركه في عمر السبع سنين.

ويعتبر الطواف حول الكعبة سباحة من العبادات النادرة، إذ تغمر المياه الصحن، وقد شهدت مكة عدة سيول كبيرة، لكن كان الناس يخوضون الماء بأقدامهم، ونادراً ما يتمكنون من السباحة.

طريقة الطواف يبدأ الطائف طوافه من الرُّكن الذي فيه الحجر الأسود، فيستقبل الحجر، ويستلمه، ويقبّله إن استطاع دون أن يؤذي الناس بمزاحمتهم، ثم يجعل جانبه الأيسر إلى جهة البيت، ويبدأ طوافه.

ثمّ يمشي ويطوف بالبيت ماراً بالرُّكن اليماني إلى أن ينتهي برُكن الحَجَر الأسود، وهو المكان الذي بدأ الطواف منه، وتكون بذلك قد تمّت له طَوْفةٌ واحدة، ثم يكرر فِعله حتى تتم له سبعُ طوفات.

الحكمة من الطواف

والحِكمة من الطواف حول الكعبة تتجلّى في عظمة بيت الله الحرام، وطُهره وتشريفه، فهو أشرف مكان في الأرض، وأطهر بقعة خلقها الله عز وجل، وقد جعله الله سبحانه حرماً آمناً، ومكاناً للمتعبدين المتبتلين الراكعين الساجدين، فمن يطوف في هذا المكان إنما يطوف في مكان عظّمه الله عزّ وجل منسوب إليه.

فيكون بذلك كالعبد الملتجئ لباب مولاه، يطلب منه العفو والغفران والإحسان والرضى، ويعلم أنّ ما من أحد يجيب حاجته إلا إياه، كما أن في الطواف حول الكعبة المشرفة ذكر لله تعالى، وتعظيم وتكبير له.