“خلدون سنجاب”.. القصة الغربية لهذا الشاب بدأت منذ أواخر صيف 1994، وهو شاب، بعد أن قفز في مياه البحر فارتطم رأسه بالحجارة، وكسرت رقبته، وأصيب بشلل رباعي أفقده الحركة وألقاه طريح الفراش.
إلا أن ما حدث لم يوهنه ولم يضعف عزيمته، بل على العكس من ذلك، شكّل هذا الحادث مفصلا مهما في حياته، وحوَّله من إنسان عادي إلى إنسان مميز، إذ أثبت لنفسه وللعالم أن الإعاقة لا يمكن أن تقف في وجه العزيمة والإصرار.
استطاع المبرمج السوري الشاب خلدون سنجاب، بفضل إرادته الصلبة، أن يتزوج ويستقل عن أهله، ويتخصص ببرمجة الحاسوب، التي مكنّته من الحصول على وظيفة في إحدى الشركات الترفيهية والتعليمية الكبرى.
“خلدون” حالة نادرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، سنتحدث عنها مراراً وتكراراً مع كل إنجاز يحققه هذا الإنسان الذي لم تهزمه الشدائد والمحن التي مرت عليه في حياته.
بل يعود في كل مرة أقوى من السابق، وأشد إصراراً من قبل على متابعة حياته والنجاح في مجال تخصصه علوم الحاسوب وتصميم المواقع الإلكترونية والبرمجيات وحده، وهو راقد في فراشه، مستخدماً لسانه فقط للكلام.
خلدون سنجاب المبرمج السوري استطاع بإصراره أن يدرس وحده علوم الحاسوب، ويبرع فيها على الرغم من إعاقته (شلل رباعي تام)، كانت نتيجته رقوده على السرير، إثر ارتطام رأسه في قعر البحر، وهو في السابعة عشرة من عمره.
كان حينها لاعباً بالفريق الوطني السوري للسباحة، إلا أنه استطاع أن يحقق سلسلة من الإنجازات، فهو اليوم مبرمج ومطور تقني في مجال البرمجة الحاسوبية وتصميم وبرمجة المواقع الإلكترونية، حيث تعاقدت معه العديد من الشركات العالمية.
كوّن خلدون من خلال العالم الافتراضي صداقات عديدة في مختلف أنحاء العالم، وحصل من خلالها على أول عمل له “عن بُعد” في شركة Tiger Production وهي شركة إعلامية ترفيهية وتعليمية للأطفال.
كان من بين أحلام خلدون تأسيس شركة كبيرة مثل مايكروسوفت، حيث قام باستئجار (سيرفر) وبدأ يحجز للزبائن ويتعامل معهم باسمه الشخصي وليس كموظف لدى شركة، كما صمم موقعاً إلكترونياً خاصاً به يزوره الالاف الزوار بشكل يومي، ويربح فيه من خلال الإعلانات.
نجح خلدون في تصميم مكتبة برمجية تستخدم لتصنيع تطبيقات رسوميات ثلاثية الأبعاد، وبرمجته تطبيق لالتقاط حركة الشخصيات وتطبيق لتعليم الصلوات الإسلامية وتطبيق لأتمتة عملية البث التلفزيوني من خلال بطاقة بث.
وأيضاً مخدم مؤثرات فيديو ينتج مؤثرات رقمية من خلال بطاقة خاصة، وألعاب ثنائية وثلاثية الأبعاد، ومن اختراعاته لوحة مفاتيح فعلية للكتابة باستخدام الفأرة، ومكتبة برمجية تستخدم لحساب مواقيت الصلاة.
خلدون سنجاب يبلغ عمره حاليا 43 عاماً، وقد شكلت قصته وإصراره على التفوق مادة إعلامية خصبة خاصة بعدما كتبت عنه الكثير من الأقلام في بلده، وأيضاً فتحت أبواب منزله أمام العموم للذين أحبوا التعرف إليه عن قرب.
لم يكن خلدون بعد الحادث الذي تعرض له يتكلم، بل كان يكتفي بتحريك لسانه على «الماوس» ليتواصل مع الآخرين، ولكن جهازاً حديثاً مكنه من الكلام، وسماع صوته جيداً، وقد استعاد نطقه جيداً بعد إجراء العملية، وانتزاع أنبوب التنفس، وتدرب على استخدام صمام الكلام، ليصبح صوته أفضل وكلامه مفهوماً، وهذا ما أسعد الأسرة بكاملها.
وعن أصعب المواقف التي مر بها، تتحدث زوجته يسرى بالقول: كان ذلك عندما انقطعت الكهرباء في لبنان الذي لجأ إليه بسبب الحرب في سوريا وتعطل جهاز التنفس، وهو ما كاد يودي بحياته، وعملت ابنته على استخدام جهاز تنفس يدوي لمدة 18 ساعة كي يبقى على قيد الحياة.
وكتبت عائشة عبد الله تريم رئيس تحرير صحيفة “جلف تودي” مقالة نشرتها في أكتوبر 2016 بعنوان (خلدون سنجاب.. حالة لا تستعصي على الإمارات)، أتبعتها بإجراء مقابلة معه في لبنان من خلال مراسلها.
وأدى هذا اللقاء الصحفي إلى التغيير الجذري في حياته، بعدما أمر صاحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بإرسال طائرة خاصة لنقل خلدون من لبنان إلى الإمارات، وعلاجه في أفضل المستشفيات بأبوظبي، وهو ما كان من شأنه انتزاع جهاز التنفس للمرة الأولى في حياته.
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.