في مارس 1938 كانت السعودية على وشك إغلاق ملف التنقيب عن النفط نهائيًّا بعدما أشارت النتائج الأولية إلى عدم وجود نفط في باطن أرض الجزيرة العربية.
لكن في اللحظات الأخيرة تم اكتشاف النفط في البئر رقم 7 التي غيَّرت ملامح السعودية والعالم، وأثبتت للجميع أن السعودية عائمة عن آبار نفط، ستسهم في سد احتياجات العالم من الطاقة.
رغم مرور 84 عامًا على اكتشاف تلك البئر، ورغم وجود آبار أخرى كثيرة، إلا أن المواطنين لن ينسوا أبدًا قصة البئر رقم 7، أو "بئر الخير" كما يحلو للبعض أن يطلق عليها؛ ليس لسبب سوى أن هذه البئر هي أول بئر نفط في البلاد، أدخلت السعودية ضمن قائمة الدول الكبرى المنتجة للطاقة.
ومنذ السنوات الماضية وعمليات التنقيب عن الآبار لم تتوقف في السعودية، وتواصل شركة أرامكو السعودية إعلان اكتشافات جديدة منها، كان آخرها ما تم إعلانه الأسبوع الماضي من اكتشاف آبار غاز طبيعي في عدد من مناطق السعودية.
وهو ما يدعم مكانة السعودية بوصفها دولة محورية منتجة للغاز الطبيعي، مثلما هي دولة رئيسية في إنتاج النفط؛ وهذا يشير إلى الخير الوفير الذي ما زال في باطن الأرض السعودية، وينتظر ـ فقط ـ مَن يكتشفه ويستخرجه.
احتفت شركة أرامكو السعودية بمرور 84 عامًا على اكتشاف بئر الخير، ونشرت تغريدة لها مصحوبة بفيديو، يوضح المراحل التي سبقت اكتشاف البئر في السعودية، والصعوبات التي صاحبت كل مرحلة.
وبعد شهور شاقة وطويلة انتهت ببشارة خير، غيّرت مجرى التاريخ السعودي، وأسهمت بقوة في تغيير وجه العالم؛ إذ نجحت "أرامكو السعودية" في استخراج البترول بكميات تجارية لأول مرة.
وكان ذلك في مارس من عام 1938، وكانت التقنية المستخدمة في حفر بئر الخير، أو بئر الدمام 7، لا تزيد على تقنية جهاز الحفر الدوار الذي يعمل بقوة البخار.
استغرق حفر بئر "الخير" شهورًا عدة، صاحبتها العديد من الصعوبات والمعوقات، واختلطت الآمال بالإحباطات، والعزيمة بالإصرار، بين تكهنات وأسئلة حائرة، تتساءل عن حقيقة وجود الزيت تحت رمال السعودية.
وتمثل عملية حفر البئر أكثر الأدلة دقة على وجود البترول.. وكل العمليات التي تسبقها، في مراحل التنقيب والاستكشاف والبحث، تكاد لا تخرج عن كونها احتمالات قائمة على عمليات علمية نظرية ونسبية.
تقنية البخار رغم أنها قادت السعودية في زمن سابق إلى سلسلة اكتشافات نفطية متلاحقة إلا أنها باتت اليوم من ذمة التاريخ، وحلت محلها تقنيات معقدة، تستعين بقرابة 127 برجًا حديديًّا متنقلاً لحفر آبار الزيت والغاز المصاحب له، ويتم نقلها من موقع إلى آخر عبر الصحاري، وفي مياه الخليج العربي.
أعطى المهندس الجيولوجي ماكس ستانكي التعليمات للحفّارين، في ديسمبر 1936، للبدء بحفر بئر الاختبار العميقة رقم 7 في الدمام.
وبعد ذلك بعشرة أشهر، وبالتحديد في 16 أكتوبر 1937، وعند عمق 1097 مترًا، شاهد الحفّارون 5.7 لترات من الزيت في طين الحفر المخفف العائد من بئر الدمام رقم 7 مع بعض الغاز.
وفي آخر يوم من عام 1937، أخفقت معدّات التحكّم في السيطرة على بئر الدمام رقم 7، وأثارت البئر قاذفةً بما فيها من السوائل والغازات، وبعد الحفر إلى عمق 1382 مترًا، لم يجد فريق الحفر كمية تُذكر من الزيت.
ولكن سرعان ما تغيّرت الأحوال، ففي الأسبوع الأول من مارس 1938، حققت بئر الدمام رقم 7 الأمل المرجوّ، وكان ذلك عند مسافة 1440 مترًا تحت سطح الأرض، أي بزيادة تقلّ عن 60 مترًا عن العمق الذي كان الجيولوجيون يتوقّعون وجود النفط عنده.
وقد أنتجت بئر الدمام 1585 برميلًا في اليوم، في الرابع من مارس 1938، ثم ارتفع هذا الرقم إلى 3690 برميلًا في السابع من مارس، وسجّل إنتاج البئر 2130 برميلًا بعد ذلك بتسعة أيام، ثم 3732 برميلًا بعد خمسة أيام أخرى، ثم 3810 برميلًا في اليوم التالي مباشرة.
وكان الملك عبد العزيز قد وقّع اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا "سوكال"، وأعقب التوقيع توافد الجيولوجيين إلى مدينة الدمام.
وجرى تصدير أول شحنة من الزيت الخام على متن ناقلة في الأول من مايو 1939، كان الملك عبدالعزيز هو من أدار الصمام بيده لتعبئتها.
واستمر الزيت يتدفق من البئر رقم 7 حتّى عام 1982، عندما استُبعدت لأسباب تشغيلية، وذلك بعد 45 سنة من الإنتاج المستمر، وبلغ مجموع إنتاجها ما مقداره 32 مليون برميل، وبمعدل إنتاج يومي 1600 برميل، ولهذا سُمّيت بئر الدمام رقم 7 بئر الخير.
المصادر: موقع الطاقة – صحيفة سبق
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.