لا تحتفل جميع الدول في عيد الأم بنفس اليوم.. وهذا هو السبب
منوعاتيطل عيد الأم فتتزين له متاجر الورد، وتنهال العروض والخصومات على هدايا الأمهات، وتعج صفحات التواصل بالتهاني، ويعلو صوت التلفاز والمذياع بأغنية فايزة أحمد الشهيرة "ست الحبايب يا حبيبة".
وبينما ينتظر البعض هذا اليوم تنقبض قلوب آخرين لما تحييه المناسبة من ذكريات فقدت جمالها بفقدان أغلى الناس.
نستطلع أثر يوم الأم على نفوس من فقدوا أحبتهم، ونرصد مواعيد وعادات عيد الأم في العالم، ونتعرف على رأي الفقه في الاحتفال به.
عيد الأم.. نظرة تاريخية
بدأ الاحتفال بعيد الأم في العصر الحديث عام 1872، حينما دعت المؤلفة الأميركية جوليا وورد هوي للاحتفال به من أجل التخفيف من معاناة الشعب الأميركي الذي عانى أهوال الحرب الأهلية التي وضعت أوزارها قبل سنوات قليلة آنذاك.
عام 1907، نجحت امرأة أميركية تدعى آنا جارفس في الترويج لفكرتها بالاحتفال به كمناسبة وطنية، وفي غضون خمس سنوات فقط، أصبحت جميع مدن الولايات المتحدة تحتفل به، وفي عام 1914 أعلن الرئيس الأميركي وودرو ويلسون يوم عيد الأم عطلة وطنية رسمية، وانتشرت الاحتفالية ووصلت معظم بلدان العالم.
مواعيد الاحتفالات
تختلف تواريخ الاحتفالات بعيد الأم من دولة لأخرى، وفيما يلي مواعيد ومراسم الاحتفال الخاصة ببعض الشعوب:
تعد مصر أول بلد عربي يحتفل بعيد الأم عام 1956، ولا يزال الاحتفال به قائما في معظم البلدان العربية في 21 مارس/آذار كل عام، وهو بداية فصل الربيع. وتحتفل المغرب وتونس والجزائر يوم الأحد الأخير من مايو/أيار.
في حين يحتفل شعب السويد بعيد الأم في آخر يوم أحد من يونيو/حزيران، وهو إجازة رسمية في البلاد، وتحتفل به فرنسا في الأحد الأول من يونيو/حزيران عبر تناول الأسر العشاء سويا وصنع الحلوى للأمهات.
وتحتفل الولايات المتحدة الأميركية في اليوم الثاني من مايو/أيار، وهو عطلة رسمية ترفع فيه الرايات الأميركية فوق البنايات العامة والخاصة، كما يحتفل الشعب المكسيكي في اليوم العاشر من مايو/أيار.
ويستمر الاحتفال في إثيوبيا من يومين إلى ثلاثة أيام فور انتهاء موسم الشتاء، وتحتفل جنوب أفريقيا وكندا وأستراليا في الأحد الثاني من مايو/أيار.
أما اليابان فتنظم معرض "أمي" الذي يتضمن رسوم الأطفال لأمهاتهم، فضلا عن إقامة المعرض المتجول كل أربعة أعوام، ويعد اليوم الرابع من الصوم الكبير لدى المسيحيين يوم الاحتفال بعيد الأم في كل من إنجلترا وإيرلندا.
من جانبه، يحتفل الشعب الإسباني في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، الذي يرتبط بيوم تكريم الكنيسة للسيدة مريم العذراء، أما يوغوسلافيا فتحتفل في الأحد الأول من ديسمبر/كانون الأول، وتستمر الاحتفالات ثلاثة أيام.
وأخيرا، يستمر الاحتفال بالعيد في الهند عشرة أيام في أكتوبر/تشرين الأول، ويطلق عليه "درجا برجا"، وهو اسم قديسة في المعتقدات الهندوسية، ويمثلونها على أنها طويلة القامة ولها عشر أذرع، وتحمل في كل ذراع سلاحًا للقضاء على الشر.
ورود وحلويات
وتتمثل أبرز مراسم الاحتفال في البلدان المختلفة في جلب الورود والهدايا وإعداد الحلوى والكعك، كما تتميز بعض الدول بمراسم مميزة مثل أستراليا الذي يرتدي شعبها اللون الأبيض لتكريم الأم المتوفاة، والألوان للاحتفال بالأمهات الأحياء.
أما الشعب اليوغوسلافي ففي يوم العيد الأول يقوم الآباء بتقييد الأبناء ثم إطلاق سراحهم فور الاعتراف بولائهم، وفي اليوم الثاني يقيد الأبناء الأمهات حتى تعطى لهم الحلوى والهدايا، أما اليوم الثالث فيحتفل الأبناء بعيد الأب ويقيدون الأب ثم يطلقون سراحه بعد أن يمنحهم وعده بشراء الملابس الجديدة.
وتبقى الذكريات
على الجانب الآخر، يرتبط عيد الأم عند بعض المصريين الذين فقدوا أحبتهم بمشاعر الحزن والأسى، حيث لم يبق لهم من هذا اليوم سوى الذكريات.
تقول مروة شرقاوي، وهي عاملة بإحدى الجهات الحكومية، إن هذا اليوم بالنسبة لها أصبح مرتبطا بالحزن الشديد منذ فقدان ابنتها الوحيدة "شادن" قبل سبع سنوات، لافتة إلى أنها لا تزال تقدم لوالدتها الهدايا والورود بهذه المناسبة التي لم تعد تخلو من الوجع الذي يصيب الأسرة برمتها بعد غياب الابنة والحفيدة.
مراعاة مشاعر الآخرين
وبنبرة ألم، قالت أمنية شفيق، مدربة لياقة بدنية، إن التهاني والبرقيات التي تنتشر في هذا اليوم على مواقع التواصل، وخصومات المتاجر والهدايا المتناثرة في الطرقات؛ تذكرها باحتفالاتها مع والدتها قبل ثلاث سنوات، وقبل أن يسطر مرض السرطان نهاية حياتها.
وأضافت شفيق أنها ترفض إلغاء الاحتفال بعيد الأم، لكنها في الوقت نفسه طالبت باقتصار مراسم الاحتفال به على البيوت والأسر الصغيرة دون الإعلان عنها مراعاة لمشاعر الآخرين.
في حين أعربت شيماء محمد، ربة منزل، عن سعادتها بإلغاء احتفالات عيد الأم في مدرسة ابنتها هذا العام، نظرا لفقدان ثلاثة من التلاميذ أمهاتهم مؤخرا، داعية لتعميم الفكرة في مختلف المدارس مراعاةً لمشاعر الأطفال.
آراء فقهية
تباينت آراء علماء الدين حول شرعية الاحتفال بهذا اليوم؛ فالدكتور علي محسن، أستاذ الشريعة السابق بجامعة الأزهر، يرى أنه رغم عدم إدراج عيد الأم ضمن الأعياد الشرعية في الإسلام، فإنه لا غضاضة في الاحتفال به ما دام أنه يتفق مع مبادئ ومقاصد الشريعة الداعية لتكريم الأم وبرها.
في حين يرى محمد عوض، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، أن أعياد الإسلام هما عيدا الفطر والأضحى فقط، وما دونهما مجرد بدع وأفكار غربية دخيلة على المجتمع المسلم، لافتًا إلى أن الاحتفال بالأم وتكريمها لا ينبغي اقتصاره على يوم واحد في السنة، كما أن البر ليس خاصًا بالأم وحدها، وإنما ينبغي أن يكون بالوالدين معًا.
المصدر : الجزيرة