لماذا كل الطرق تؤدي إلى روما؟ تعرف على أصل المقولة

تمتلك كل دولة في تراثها العديد من الأمثال الشعبية، وهي التي يتعرف عليها سكانها ويتبادلونّها فيما بينهم، وتُعد بمثابة ألغاز لمن سواهم، كما أن هناك أمثال مُرتبطة بين الشعوب الذين يتحدثون نفس اللغة كالبلاد العربية، فهناك العديد من الأمثال المشتركة بينهم وكذلك الدول الأجنبية،

لكنه من النادر أن ينتشر مثلًا شعبيًا بشتى تراجمه في كل دول العالم، وبات الكل يسّتخدمونه في مواقفهم اليومية، لعلنا نُشير إلى مقولة كل الطرق تؤدي إلى روما.

مقولة كل الطرق تؤدي إلى روما

تُعد المقولة بمثابة مثل روماني قديم، أصله يعود إلى المدينة قبل أن يتم إقرارها على أنها عاصمة الإمبراطورية الرومانية، كانت تطمح إلى أن تكون دولةً قويةً، تتمتع بنّطاقها الواسع الذي يجعلها تمتلك الزعامة على كل من حولها.

 في ذلك الوقت قامت بفتح كل البلاد التي تُجاورها، ولكن واجهتها عقباتٍ شتى في المُواصلات لصعوبة الطريق الواعر، مما دفعها إلى أن تربط بينها وبين تلك البلاد بطرقٍ مرصوفةٍ، تُسهل الانتقال خلالها وتُيسر حركات التجارة بشكل أبسط وأكثر أمانًا على أن تكون نهاية تلك الطرق إلى مدينة روما.

كما أنها استخدمت تلك الطرق في الأغراض العسكرية، وأقامت أبراجًا للُمراقبة على جانبي الطريق، لحماية القوافل التجارية بوجهٍ آخر، وذلك لتبقى تلك المدن المفتوحة تكون وتحت سيطرة ونفوذ روما بكل سهولة.

 من هنا انتشرت مقولة كل الطرق تؤدي إلى روما، لأنها أصبحت نهاية كل طريق مرصوف بينها وبين كافة البلاد المجاورة، وبات العالم يستخدمها بمعنى أن الهدف الواحد يُمكن أن يتم تحقيقه بطرقٍ شتى.

 أهمية العاصمة البريطانية روما كانت

 مدينة روما قديمًا أهم عاصمة في العالم أجمع كواشّنطن حالياً، لما كانت لها من نفوذ وسيطرة على جنوب غرب قارة أوروبا وجنوبها الشرقي على حدٍ سواء، كما سيطرت على دول حوض البحر الأبيض المتوسط والبلقان، عن طريق غزوها لتلك المدن وضمها لنفوذها.

 كان لروما نصيباً في كل تجارة تتم، ومن كل قطعة من الذهب يصرفها العالم جزءاً لتاجر في روما أو للحكومة الرومانية، لم يقتصر هذا على التجارة فحسب بل كان أي قرار سياسي يخص أي دولة في العالم، يهتم الجميع لمعرفة رأي الإمبراطور في روما وقتها.

أما عن العصور الإمبراطورية القديمة عُرِفت روما بلقب (مثلث الحياة بأكملها)، حيث انبثقت منها الحضارة الرومانية وانتشرت على سواحل البحر الأبيض المتوسط، تحولت من مُجتمعٍ زراعيّ صغير بمنطقة شبة الجزيرة الإيطالية في بدايات القرن العشرين ما قبل الميلاد،

لتُصبح واحدة من أكبر الإمبراطوريات في العالم القديم، خضعت بعدها إمبراطورية روما للعديد من التحولات، حيث أنها في البداية كانت خاضعة للحكم الملكي. ثم تحولت إلى الحكم الجمهوري للأقلية، وفي النهاية إلى الإمبراطورية الاستبدادية.

دراسة مكثفة عن الطرق التي تؤدي إلى روما

قام فريق البحث (Moovel Lab) الذي كان يقيم بمدينة (شتوتجارت) الألمانية، بدراسة جميع الطرق البرية في أوروبا، وكان جزءاً منها دراسة طرق روما والتي حددها العلماء بما يُعادل 713 نقطة، للانطلاق على الخريطة التي تُمثل طرق وشوارع أوروبا،

حيث بلغت مساحتها 26503452 كيلو متر مربع، تصل إلى العاصمة الإيطالية روما، كما استخدموا خوارزميات تم تطويرها لتحديد الطرق الأقصر طولاً، للوصول إلى روما وتحديدها على الخريطة، وقد توصل الفريق لنتائج تجعل تلك الطرق المؤدية إلى روما،

والتي تستخدم بصورة أكثر كثافة عن غيرها لتأخذ خطاً عريضاً بألوانٍ واضحة، وأكدت الدراسة أن الإمبراطورية الرومانية حين كانت في قمة ازدهارها، قامت بإنشاء شبكة مُبهرة من الطرق الواسعة في جميع الأنحاء الأوروبية من بريطانيا العظمى وحتى تركيا،

ربطت بين 113 مقاطعة من خلال 373 طريقاً مختلفاً، بطول شاسع يُقدَّر بأكثر من 80 ألف كيلو متر، وبقيت تلك الطرق هي حجر الأساس لشبكة الطرق الأوروبية ليومنا هذا.

أول الطرق التي بناها الرومان

 الطريق الإبياري: بدء إنشائه حواليّ عام 312 قبل الميلاد، هو أول الطرق العامة التي مهدها الرومان. سميَّ بــ (أم الطرق) لأنه كان يربط بين روما وبرانديز يوم (برنديزي حاليًا). كما تُعد مرفًأ عُرِف ببوابة الشرق، أُطلق عليه اسم (فابيوس كلوديوس سايكوس).

 سالاريا وفلامينيا: تفرع من روما هذان الطريقان حيث اتجه إلى الشرق نحو البحر الأدرياتيكيّ، مما سهل الوصول إلى منطقة البلقان ومنطقتي الدانوب والراين.

أوريليا: شُيِّدَ في الاتجاه الشمالي ليتجه نحو شبة الجزيزة الإيبيرية وبلاد الغال.

طريق أوستيا: تم تمهيده ليربط بين مدينتيّ روما وأوسيتيا، والتي كانت تُعد أهم مرفأ للإبحار من وإلى قارة إفريقيا.

 شبكة الطرق في الامبراطورية الرومانية

امتاز الرومان بشهرتهم في إنشاء بعض الطرق البرية والجسور والعبّارات، وقد وصلت تلك الإنشاءات إلى ذروتها في القرن الثاني الميلادي، حين غطت شبكة الطرق معظم المدن التابعة للإمبراطورية الرومانية.

 كما اكتسبت شهرة أنها تنقل الحضارة الرومانية، من خلال تلك الطرق لكثرتها وأطوالها الهائلة، وامتدت الطرق التي تم تمهيدها ورصفها في الإمبراطورية الرومانية، من الغابات الكثيفة الواقعة في بلاد الغال إلى تلك المدن اليونانية.

 من الناحية الأخرى امتدت من نهريّ دجلة الفرات إلى ساحل بحر المانش وإسبانيا، بالإضافة إلى الطرق التي شيدها الرومان لتصل إلى شماليّ أفريقيا وقد سهلت تلك الشبكة حركة جيوش الدولة الرومانية التي بدورها ساعدت روما في سيطرتها وفرض نفوذها وذلك على جميع أنحاء الإمبراطورية.

 كل طريق داخل تلك الشبكة يتفرع إلى عدة طرق ثانوية تصل إلى قلب الأقاليم الرومانية، وقد قيسَت أطوال تلك الطرق التي كانت تصل إلى الإمبراطورية الرومانية حينها لنجدها أكثر من ثمانين ألفاً من الكيلو مترات،

كما تم دراسة تلك الطرق من خلال خريطة أُطلِق عليها اسم (خريطة بواتينغ) والتي يعود تاريخها في ذلك الوقت إلى القرن الثالث عشر، كما أنه لم تنقل الطرق الجنود والبضائع والمؤن فحسب بل نقلت بشكلٍ وآخر العقائد الفلسفية والأفكار الدينية والتأثيرات الفنية لتجوب حضارتها العالم كله.

 عدد الطرق الفعلية التي تؤدي إلى روما

 بعد أن أصبحت روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية وحتى يومنا هذا، فكل الطرق التي تصل إلى روما في مُحيطها بكل من حولها هي تسعة عشر طريقًا، يُوصل المدن المجاورة بالعاصمة البريطانية من جميع الاتجاهات.

اللُغة في روما القَديمة

اتخذت اللغة الرومانية والإيطالية لغتان رسميتان لها، حيث كانت القواعد في كل من تلك اللغتان أقل مما سواهما، وظهرت بعدها اللغة اليونانيّة والتي خصت المتعلمون دوناً عن غيرهم في المجتمع الروماني، واستخدموها في كتابة معظم مؤلفاتهم.

تتحول اللغة اليونانيّة إلى اللغة الرسمية الخاصة بالحكومة البيزنطية، وبمرور الأزمنة تحولت اللغة اللاتينية إلى لهجة يستخدمها الكثيرون، في التعبير عن رومنسيتهم لكونها الأكثر رومانسية في العالم.

 التعليم في روما القديمة

لم تكن هناك مدارس عامة في بدايات الجمهورية الرومانية، ومن ثم كان التعليم بالنسبة للأبناء إما أن يتم من خلال آبائهم، بحيث يعلمونهم القراءة والكتابة، وإما من خلال مجموعة من هؤلاء العبيد المتعلمون.

أما التعليم بالنسبة للشباب فكان بمثابة التدريب على أمورٍ كثيرة، أهمها الزراعة والسياسة وأصول وفنون الحرب، بالنسبة لطبقة النبلاء فقد كانوا يُعلمون أبناءهم على يد الشخصيات السياسية البارزة، ليكتسبوا منهم خبراتهم لكي يتمكنوا من المشاركة في الحياة السياسية، بعد بلوغهم سن السابعة عشر.

موقع إمبراطوريّة روما

يُمكننا وصف مدينة روما بأنها تقع في الحدود الفاصلة ما بين إقليمي أوروبا ولاتهم، كما تقع على بعد حواليّ خمسة عشر ميلاً من المصب الخاص بنهر التايبر، وقد جعلها هذا الموقع مميزة دوناً عن غيرها من مدن الإمبراطورية، حيث أن إقليم لاتوم يمتاز بأرضه الخصبة الغنية.

مما ساعدها في إنتاج كماً كبيراً من الغذاء لعدد ضخم من السكان، إضافةً إلى وجود التلال التي أتت عليها فيضانات نهر التايبر، وساعد ذلك الموقع في السيطرة على سواحل إيطاليا الغربية، ومن ثم يُمكننا أن نَصِفها بأنها قلب إيطاليا، أو بوصفٍ آخر تُعد محطة الوصل ما بين الشمال والجنوب الإيطالي.

 كل الطرق تؤدي إلى روما بلغات أخرى

تُكتب تلك المقولة باللغة الإنجليزية كالتالي: All roads lead to Rome! كما يُمكن كتابتها باللغة الفرنسية على النحو التالي: Tous les chemins mènent à Rome! أما باللغة الإيطالية فتتم كتابتها كما يلي: Tutte le strade portano a Roma!

يختبئ سر وراء كل مثل شعبي يتم إطلاقه، ومنا الكثيرون الذين يهتمون بإثراء معلوماتهم العامة، والتعرف على أسرار شعوب العالم وخفاياهم، وإيجاد أسباب لقول تلك الأمثال فليس الغرض هو تكرارها فحسب، بل التعرف على السبب والقصة الدفينة وراء هذا القول،

ولعله من أكثر الأمثال انتشاراً مقولة كل الطرق تؤدي إلى روما والتي لاقت استغراباً شديداً، من قبل الشعوب العربية والأجنبية، وبات الأمر مُهماً للتعرف على المغزى من قولها وقصتها.

المصدر : موقع محتوى