يرى كل شيء ماعدا الأرقام ..هذه قصة الرجل الذي أفاق ولم يعد يرى الأرقام على الإطلاق
العينّ عضو رئيسيّ لواحدة من أهم الحواس التي وهبها الله للإنسان ألا وهي النظر..
فالعين هي الجزء المسؤول عن عمليّة الإبصار والرؤية لنستمتع بنعمة الرؤية لكل ما خلق الله حولنا من جمال وإبداع لا متناهي في الكون الفسيح من جهة ونحذر من المخاطر التي قد تحيط بنا وتؤذينا من جهة أخرى.
فما هي آلية حدوث الرؤية عن طريق العين..وهل من الممكن أن يفقد شخص قدرته على رؤية الأرقام فقط!
في حالة طبية نادرة، فقد عالم جيولوجيا هندسية قدرته على إدراك الأرقام من 2 إلى 9 ، وبحث فريق من العلماء حالته ليعرفوا هل يرى المريض الأرقام لكنه يعجز عن إدراكها أم أنه لا يراها أصلًا؟ علمًا أنه ما يزال قادرًا على فهم الحروف والرموز والرقمين 0 و1.
وقال رئيس الفريق البحثي -العالم المعرِفي في جامعة حونز هوبكنز- ميشيل مكلوزكي: «عندما ينظر المريض إلى الرقم، ينبغي لدماغه أن يراه أولًا قبل أن يعجز عن تحديد ماهيته والتعرف عليه، وهذه معضلة حقيقية، حاولنا في هذه الورقة البحثية معرفة عملية معالجة المعلومات التي تحصل خارج حدود إدراك المريض و وعيه».
شُخِّص المريض- الذي أُشير إليه في الدراسة باسم RFS- بمرض تنكسي نادر في الدماغ يسمى متلازمة التنكس القشري القاعدي، سببه ضرر شديد في منطقتي قشرة الدماغ والنوى القاعدية.
يعاني معظم المصابين بهذا المرض أعراضًا مثل مشاكل في الذاكرة وتشنجات عضلية وصعوبة في المشي، لكن مريضنا RFS عانى إلى جانب هذه الأعراض فقدان القدرة على إدراك معظم الأرقام العربية القديمة و وصفها أو حتى نسخها.
طلب الباحثون من RFS في فيديو نشروه محاولة نسخ رقم 8 مرسوم بلون برتقالي، فرسم خيوطًا سوداء شبَّهها بالسباغيتي في خلفية برتقالية.
في تجربة أخرى، وضع الباحثون صورًا وكلمات بجوار رسوم أرقام كبيرة أو داخلها، نجح المريض في التعرف على الصور الموجودة في الأحرف الكبيرة لكنه عجز عن رؤية الصور الموجودة داخل الأرقام.
وضع الفريق الطبي مجموعة من الاحتمالات لتفسير هذه الحالة شديدة الغرابة، و وجدوا أن المريض يعاني شذوذًا إدراكيًا نادرًا.
يقول الفريق في الورقة البحثية: «نظرًا إلى ندرة حالة تشوه المرئيات التي يعانيها المريض RFS، لم نستطع التحقق من إصابته بتشوه حقيقي، ففي حالات الإصابة النادرة هذه قد يكون الخلل نفسيًا أو وظيفيًا وليس ناجمًا عن ضعف أو اعتلال في العمليات الإدراكية أو المعرفية.
لكننا لا نرجح هذا الاحتمال في حالة RFS لعدة أسباب، أولها أن RFS كان يراجع وقت إجراء الدراسة طبيبًا نفسيًا ليساعده على التأقلم مع حالته، ولم يراود الطبيب النفسي أي شك في إمكانية وجود اضطراب وظيفي وراء أعراض المريض الإدراكية أو المعرفية أو الجسدية بالإضافة إلى أن إجابات RFS في اختبار التمييز بين خيارين كانت عشوائية على عكس إجابات المتمارضين ومدعي الإصابة باضطرابات نفسية».
عمل الفريق مع RFS قرابة ثماني سنوات و وضعوا له نظام أرقام بديلًا استخدمه في وظيفته حتى تقاعد بعد سنوات قليلة.
استطاع الباحثون تكوين فهم أفضل لحالة RFS بعد أن أجروا تخطيط أمواج كهربائية على دماغه. إذ لم يستطع RFS التعرف على الوجوه والصور داخل الأرقام، لكن الباحثين يظنون أن دماغه كان قادرًا على ذلك.
تقول العالمة المعرفية من جامعة هارفارد تيريزا شوبرت: «لم يدرك المريض أبدًا وجود كلمة في تلك الصور، مع أن دماغه أدرك وجود كلمة وتمكن من تحديدها بالضبط مثل كلمة (بوق)».
يُفتَرض عادة في علم الأعصاب أن النشاط العصبي الذي يلتقطه تخطيط أمواج الدماغ الكهربائية هو الذي يسبب الوعي البصري، لكن البحث يشير أيضًا إلى أن الوعي يحتاج إلى عمليات معالجة إضافية، وهذه هي المرحلة الأخيرة في عملية الوعي البصري التي لا يمتلكها دماغ RFS.
يفسر ديفيد روثلين من (في إيه بوسطن هيلث كير) ذلك قائلًا: «استطاع دماغه التعرف على الوجوه داخل الأرقام لكن وعيه لم يتعرف عليها، وتُظهِر هذه النتائج أن دماغ RFS ينفذ عمليات معالجة معقدة رغم غياب وعيه».
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.