إذا كان سبق لك وأن صعدت على متن طائرة، أو حتى شاهدت مشهداً سينمائياً أو تلفزيونياً لمسافر على متن طائرة ما وهو يتأمل السماء عبر نافذتها، فلا بدّ وأنك قد تنبهت إلى كون نوافذ الطائرات تكون دوماً بشكل مدور أو بيضوي.
ولعلك تساءلت عن سبب اختيار هذا التصميم لنوافذ الطائرات على الدوام، وعدم صنعها بشكل مربع أو مستطيل؟ هل لهذا الأمر هدف علمي أم أنه مجرد ديكور وعرف متداول بين شركات صناعة الطائرات؟ وفيما يلي نشرح السبب الدقيق وراء كون نوافذ الطائرات مدورة.
بدأت الحكاية في منتصف القرن العشرين، حين بدأت شركات الطيران بالتحليق بطائراتها على ارتفاعات أعلى. وكان الهدف من هذه الخطوة توفير المال، لأن التحليق على ارتفاعات عالية يعني أن كثافة الهواء ستصبح أقل، وبالتالي ستصبح مقاومة الهواء أقل، مما يعني أيضاً استهلاكاً أقل للوقود وتوفيراً للمال. كما أن الطيران في طبقات الجو العليا يجعل الرحلة أسلس وأهدأ.
ولجعل الطائرات تحلق على ارتفاعات عالية كان من الضروري إجراء بعض التعديلات على هيكل وتصميم الطائرة، ولذلك تم ضبط الضغط في حجرة الطائرة ليتمكن المسافرون من التنفس بسهولة، كما تم صنع جسم الطائرة بشكل أسطواني لتستطيع تحمل الضغط الداخلي الجديد المتزايد.
وقد اعتقد صانعو الطائرات أنهم تمكنوا بذلك من تصميم الطائرة المثالية. ففي خمسينيات القرن الماضي، حين بدأت الطائرات تحتل مكانة أساسية في عالم النقل، أصبحت شركة""دي هافيلاند كومت" رائدة تصميم الطائرات، إذ أنتجت طائرات بكابينة مضغوطة، يمكنها الوصول إلى ارتفاع أعلى وبسرعة أكبر.
وكان لهذه الطائرات نوافذ مربعة الشكل، وفي عام 1953 سقطت طائرتان من هذا الطراز، ولقي 56 شخصا مصرعهم نتيجة لذلك، فيما تبين أن سبب ذلك السقوط كان النوافذ.
تسبب النافذات المربعة مشكلة كبيرة بالنسبة للطائرات عندما تحلق على ارتفاعات عالية، وذلك بسبب اختلاف الضغط بين الغلاف الجوي وبين الضغط في حجرة الطائرة. وهذا الضغط يتسبب في تمدد حجرة الطائرة بشكل طفيف، مما يطبق ضغطًا عليها، ويتركز على إطارات النوافذ.
وفي حالة النوافذ المربعة، فإن هذا الضغط يتراكم بشكل خاص على الحواف الحادة للنوافذ المربعة، وعندما يتزايد الضغط بشكل كبير تحدث الكارثة وتتمزق الطائرة، أما إذا كانت النوافذ مدورة أو بيضوية، فإن الضغط يتوزع بسلاسة على طول إطار النافذة، ويساعد هذا التصميم على تجنب المشكلة السابقة المتمثلة في تراكم الضغط على نقاط معينة.
وفي سياق الحديث عن نوافذ الطائرات، فإنك ربما تكون قد لاحظت ميزة أخرى غريبة متعلقة بهذا الموضوع. حيث أن نوافذ الطائرات تكون غالبًا غير متماشية مع صفوف المقاعد، إي أنه ربما لا توجد نافذة إلى جوار كل صف من المقاعد، مما ربما يشكل إزعاجًا لبعض المسافرين الذي يرغبون بالتأمل عبر النافذة.
واللوم في هذا الأمر لا يقع على عاتق الشركات المصنعة للطائرات في الحقيقة، بل على شركات الطيران التي تشتري تلك الطائرات وتشغلها لحسابها. فشركات صناعة الطائرات تبني الطائرة وفق تصميم مثالي يشمل صفوف المقاعد ومساحة مخصصة للقدمين وتموضع مناسب للنوافذ إلى جانب صفوف المقاعد،
ويوصون بهذا التصميم لشركات الطيران، إلا أن هذه الشركات نادرًا ما تلتزم بهذا التصميم، وتقوم بتكديس صفوف المقاعد معًا وتقريبها من بعضها، مما يؤدي إلى عدم توافق هذه الصفوف مع النوافذ المجاورة لها.
وهكذا نكون قد تعرفنا عبر هذا الموضوع على السبب العلمي والهندسي الذي يدفع بشركات صناعة الطائرات إلى تصميم نوافذ الطائرات بشكل دائري أو بيضوي، وليس مربع كما هو الحال مع السيارات أو الحافلات، والسبب باختصار يكمن في تجنب تركز الضغط على حواف النوافذ مما يمكن أن يؤدي إلى حوادث كارثية ومأساوية.
المصدر : سكاي نيوز عربية - موقع منجم
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.