من بلد فقير إلى دولة تحتضن أهم صناعة في العالم... قصة معجزة تايوان الاقتصادية

منوعات
أخبار الليرة

حين نقرأ في أرشيف التاريخ والاقتصاد كيف أن تايوان قد تحولت من بلد فقير يعتمد على الزراعة، إلى المسيطر الرئيسي على صناعة أشباه الموصلات والشرائح الإلكترونية – وهي أهم صناعة في عالم التكنولوجيا – ندرك حينها أن ما مرت به هذا البلد يستحق وصف "معجزة اقتصادية".

في الواقع إن الصناعة التي يسيطر عليها هذا البلد ليست بالأمر الهين، فهي عماد قامت عليه تكنولوجيا الغرب المتقدم بأكملها، بل وحتى صناعاتهم العسكرية الإستراتيجية ستصاب بالشلل بدون أشباه الموصلات والشرائح الإلكترونية.

كيف بدأت القصة؟

كانت تايوان تحت حكم الصين لفترة طويلة وبعد المعركة التي دارت ما بين الصين واليابان، التي انتصرت فيها الأخيرة عامي 1894-1895، انتقلت إلى الحكم الياباني حتى هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية عام 1945، حين عادت تايوان إلى الصين، قبل أن تكتسب استقلالها لاحقًا.

ظلت تايوان في هذه الاضطرابات لفترة طويلة وعاشت فترات قاسية، وكانت تعتمد على المساعدات، فشكلت الإعانات 10% من الناتج المحلي.

واعتمدت حكومة تايوان على الزراعة بشكل كبير فشكلت 44% من الناتج المحلي، وبلغ عدد العاملين في قطاع الزراعة 50% من إجمالي القوى العاملة، وكان دخل سكانها في ذلك الوقت متواضعًا للغاية.

استفادت الحكومة من أرباح قطاع الزراعة في تطوير البلاد والبنية التحتية، لأن تايوان فقير بالموارد كالثروات الطبيعية، فبدأت الحكومة في وضع العديد من الإستراتيجيات للتنمية وأيقنت حينها أن أهم استثمار هو في العنصر البشري وبدأت باتخاذ بعض الإجراءات كان أهمها:

  • في عام 1966 تم إنشاء أول منطقة تصدير صناعية في كاوهسيونغ.
  • في عام 1968 قامت الحكومة بإطلاق نظام تعليمي إلزامي مدته تسع سنوات في وقت لم يكن هناك سوى أقل من تسع دول في العالم تطبق مثل هذا النظام التعليمي، مع وضع برنامج للتطوير المهني في السنوات اللاحقة ليتناسب مع طموحات الدولة في قطاع الصناعة.
  • في عام 1976 أرسلت تايوان الكثير من المبتعثين والباحثين إلى الولايات المتحدة للتعلم وتحديدًا في مجال الصناعة والتكنولوجيا أو ما يطلق عليه تكنولوجيا الدوائر المتكاملة.

ثم بدأت الحكومة في وضع خطة للاهتمام بالمنظومة الصحية بالتوازي مع تطوير منظومة التعليم، وفي عام 1995 وضعت الحكومة منظومة التأمين الصحي الوطني الشامل، والتي منها انطلقت تايوان لتصبح رقمًا في الاقتصاد العالمي.

موريس تشانغ... المهندس الذي قاد صناعة الرقائق:

هو مهندس تايواني تعلم في هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية وعمل هناك لمدة 25 عاماً قبل أن تقوم الحكومة التايوانية بعمل دراسة عن أبرز القطاعات الصناعية التي يمكن أن تؤسس نهضتها الاقتصادية على أساسها، فقررت أن تبدأ بتأسيس معهد أبحاث التكنولوجيا الصناعية.

ثم قامت وزارة الاقتصاد بعد ذلك بالبحث عن أفضل التخصصات الدقيقة التي لها مستقبل واعد وتتواكب مع التطور العالمي ولم تجد أفضل من قطاع صناعة الرقائق أو أشباه الموصلات، لتبدأ خطة إرسال الفرق حول العالم للبحث عن أفضل المواهب والكفاءات التايوانية في الغرب للعودة وإفادة بلادهم الأصلية بقدراتهم المتميزة.

بدأ الرئيس التايواني ومعه وزير الاقتصاد في ذلك الوقت بالتفاوض مع أحد أهم الرموز الوطنية في تايوان المهندس "موريس تشانغ" المقيم في الولايات المتحدة، لإقناعه بالعودة إلى بلاده وتولي مسؤولية رئاسة المعهد وهنا تبدأ قصة النجاح التايوانية على يد هذا الرجل العبقري.

إلى أي درجة تؤثر الشركات التايوانية على العالم؟

لكي تستوعب كيف يمكن لشركة واحدة أن تؤثر على كل شيء في حياتك يجب عليك أن تعرف مدى تنوع وكمية المنتجات التي تنتجها الشركة التايوانية العملاقة، الرقم هو 11,617 منتجا مختلفا تخرج من مصانعها، يتم استخدام 281 تقنية مختلفة في تصنيعها لصالح 510 عملاء حول العالم حتى 2020.

الشركة التايوانية لصناعة أشباه الموصلات المعروفة اختصاراً بـ "تي اس ام سي" تخدم قاعدة عملاء تتسم بالعالمية أي أنها متنوعة وتشمل مجموعة واسعة من الاحتياجات التي عليها تلبيتها، وتُستخدم هذه المنتجات في مجموعة متنوعة من المنتجات النهائية بما في ذلك الأجهزة المحمولة سواء الهاتف أو الحاسب الآلي أو الساعة الإلكترونية أو الجهاز الصوتي، وكذلك الحوسبة المتقدمة، وإلكترونيات السيارات وإنترنت الأشياء، ولا ننسى أنظمة التسليح.

هذا التنويع القوي ساعد الشركة على تعميق خبراتها وقدرتها على تلبية كافة الاحتياجات في أي وقت وبأي شكل، مما يسمح بدوره للشركة بالحفاظ على مستويات أعلى من السلامة المالية وتوليد عوائد صحية للاستثمار في المستقبل دون القلق من الاعتماد على منتج أو عميل واحد.

المصدر: الليرة اليوم

شارك المقال!