قبل أن نعرف ما هي أكبر حفرة من صنع الإنسان في التاريخ يجب أن نعرف أولاً ما هي طبقات الأرض التي من المحتمل أن يمر بها الحفار أذا ما أراد الإنسان صنع حفرة ذات عمق كبير.
تتمثل طبقات الأرض من سبع طبقات ، وتتمثل الطبقات السبعة للكرة الأرضية في القشرة الأرضية الرقيقة على السطح والتي لا يتجاوز سمكها في قاع المحيطات ال ٨ كيلومتر مربع وتسمي القشرة المحيطية ، بينما يبلغ سمك القشرة الأرضية تحت القارات حوالي ٣٠ كيلومتر مربع وتسمي القشرة القارية.
ثم تأتي الطبقة الثانية للأرض وهي الغلاف الصخري ويليه ثلاث طبقات وهي طبقات الوشاح ( الوشاح الأعلى والوشاح الأوسط ومن ثم الوشاح السفلي ) ثم تأتي النواة الخارجية كطبقة سادسة من طبقات الأرض السبعة ثم النواة الداخلية وهي الطبقة السابعة والتي تعطي الأرض المجال المغناطيسي لها.
حاول الإنسان مراراً حفر الأرض لاكتشاف طبقاتها على غرار غزوه للفضاء ، وبينما كان سباق السفر إلى القمر على أشده بين أمريكا والإتحاد السوفياتي في ستينيات القرن الماضي، بدأ السوفييت عام 1970 في حفر أعمق حفرة حفرها الإنسان في تاريخ البشرية تحت اسم حفرة "كولا" أو كما يعرف ببئر كولا Kola Superdeep Borehole.
هناك في شبة جزيرة كولا حيث محطة الأبحاث العلمية السوفيتية حيث بدأ العمل في مشروع بئر كولا لاستكشاف القشرة الأرضية والذي أنتهي به المطاف إلى أن تم تغطيته بغطاء معدني وكتب عليه العمق التي تمكنت المعدات من حفرة قبل توقف العمل نهائياً في بئر كولا .
الحفرة الأكبر في التاريخ يصل عمقها إلى 12.2 كيلومتر ، كأكبر ثقب أو حفرة أو بئر من صنع البشر في التاريخ ، وعلى الرغم من العمق الذي قد يبدو كبيراً إلا أنه لا يمثل إلا ثلث سمك القشرة الأرضية ناهيك عن سماكة باقي طبقات القشرة الأرضية السابعة التي تصل إلى مسافات سحيقة.
لكن بعد قرابة العشرين عاماً من العمل من ١٩٧٠م حتى عام ١٩٨٩م توقف مشروع بئر كولا بعد إشاعات تقول إن السبب الرئيسي لتوقف المشروع هو سماع أصوات بشرية تحت باطن الأرض وكأنه صوت الجحيم لأشخاص يُعذبون في جهنم ، وبعد ذلك تم إثبات كذب السوفييت بعد ما اتضح أن أصوات المعذبون في جهنم هي مجرد أصوات مقتبسة من فيلم سينمائي وقتها.
كما أشيعت أخبار أخري عن سبب توقف الحفر في أعمق حفرة علي كوكب الأرض من صنع الإنسان بئر كولا تفيد بأن الماء تسرب إلى الحفرة من الأعماق السحيقة وهو ما كذبه العلماء مفسرين ذلك باستحالة تسرب الماء إلى القشرة الأرضية البالغ سمكها قرابة ال ٤٠ كيلومتر مربع ، رافضين تشبيه الأرض بالبصلة التي ينتشر الماء بين طبقاتها.
بعيداً عن الحجج والإشاعات يرجع السبب في توقف العمل والحفر في بئر كولا بشكل قصري هي الحرارة المفرطة التي بلغت حوالي 200 درجة سيلسيوس ، فبسبب درجة الحرارة الخيالية توقفت المعدات وأصابها أعطال تقنية من المستحيل إصلاحها عن بعد.
هذه الحفر العميقة جداً جداً كان الغرض منها خرق الأرض لمعرفة تكوينها الباطني ، لكن عليك أن تتخيل أن هذه الحفر التي سافرت إلى أعماق ليس لها مثيل على الأرض بلغت فقط ربع القشرة الأرضية التي يقدر العلماء سمكها بحوالي 42 كيلومتر (فقط القشرة الأرضية ).
وفي حين معرفة أن المسافة بين سطح كوكب الأرض الذي نعيش عليه ونقطة الوسط تبلغ حوالي 6380 كيلومتر فإن نسبة ما تم حفره في أعمق حفرة حفرها الإنسان تمثل حوالي 0.19٪ فقط من شعاع الأرض، فما بالك بعمق الأعماق!
ركز في قوله تعالى :
"وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً".
نهاية القول فهذا دليل واضح وصريح من خالق الأرض والكون بأن البشر مهما أتيهم من علم وتكنولوجيا ومعدات وغيرها لا ولن يتمكنوا من خرق الأرض أو حتى عمل حفر سحيقة تتجاوز ولو قليلاً مما وصلوا إليه في بئر كولا أقصي عمق قد وصل إليه البشر .
المصدر: Masa(ماسة)
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.