في ظل استمرار تأرجح الليرة السورية والتوقعات التي تشير إلى أنها متجهة نحو تسجيل انخفاضات متتالية في قيمتها، يؤكد خبراء اقتصاديون أن الحل الأنسب للمؤسسات الرسمية في سوريا حالياً هو الاعتراف بسعر الصرف الحقيقي لليرة السورية أمام الدولار.
ويشير الخبراء إلى أن الاعتراف بسعر الصرف الحقيقي وعدم الالتفات للتقارير الوهمية التي يقدمها البنك المركزي السوري، من الممكن أن يساهم إلى حد كبير في عدم انزلاق الليرة السورية وتسجيلها انخفاضاً مدوياً بشكل مفاجئ خلال المرحلة القادمة.
ومن بين أبرز المقترحات التي تم وضعها على طاولة الحكومة التابعة للنظام هي الاعتراف رسمياً بسعر الصرف الحقيقي، خاصة بما يتعلق بدولار الحوالات.
وضمن هذا الإطار، دعا الخبير الاقتصادي السوري “حسين القاضي” في حديث لموقع “هاشتاغ” المحلي، المشرفين على إدارة البنك المركزي السوري إلى تبني سياسة مختلفة بما يخص التعامل مع حوالات المغتربين الواردة إلى البلاد.
وأشار “القاضي” إلى أن البنك المركزي عليه التحرك بشكل عاجل من أجل تحصيل فائدة ولو بشكل ضئيل لاقتصاد البلاد، وذلك بسبب كمية الحوالات الكبيرة التي تصل إلى سوريا يومياً، وذلك في الوقت الذي يعيش فيه نحو 70 بالمئة من الشعب السوري على حوالات المغتربين، وفق قوله.
وأوضح “القاضي” أن القرار الذي يجب اتخاذه ويحقق أكبر فائدة ممكنة من حوالات المغتربين، هو تسليم الحوالات التي يتم تحويلها من الخارج بالعملة ذاتها التي يحول فيها المغتربون الأموال إلى ذويهم وأقاربهم في الداخل السوري.
وحول الآثار الاقتصادية والاجتماعية لاتخاذ مثل هذا القرار، أوضح الخبير الاقتصادي بالقول: “الفرق بين السعر في السوق السوداء وتسعيرة البنك المركزي تذهب كأرباح حالياً للبنك عند التحويل”.
ونوه الخبير الاقتصادي أنه في حال تم تسليم المبالغ المالية الواردة بالعملة التي تم تحويلها “دولار أو يورو أو أي عملة أجنبية أخرى”، فإن هذا الأمر سيحقق هدفاً اجتماعياً، بالإضافة إلى أهداف اقتصادية على المدى الطويل”.
وبيّن أن الأهداف الاقتصادية التي يمكن تحقيقها من هذا القرار، تتمثل بزيادة ثقة المغتربين، وبالتالي استمرار عملية التحويل وزيادتها مستقبلاً بسبب التسهيلات، الأمر الذي سيؤدي إلى تنشيط الاقتصاد السوري عبر وصول مبالغ أعلى إلى الأهالي الذين سيستثمرونها في مجالات عديدة ومختلفة تنتهي بحركة اقتصادية نشطة في البلاد.
وبحسب الخبير الاقتصادي فإن أرباح تسليم الحوالات في هذه الحالة سيحقق فوائد أعلى من الفوائد التي يحققها المصرف المركزي من التسعيرتين بين السوق السوداء والسعر الرسمي.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من المسؤولين التابعين للنظام السوري كانوا قد أكدوا في تصريحات سابقة أن الحوالات المالية الواردة من خارج سوريا هي المصدر الرئيسي الذي يرفد خزينة الدولة السورية بالقطع الأجنبي، منوهين أن شريحة واسعة من السوريين يعتمدون بشكل أساسي على حوالات المغتربين في معيشتهم.
وتشير أخر التقديرات الاقتصادية إلى أن نحو 5 ملايين دولار أمريكي يدخل إلى سوريا في اليوم الواحد عبر حوالات المغتربين على شكل مبالغ مالية محولة.
كان مصرف سوريا المركزي قد رفع سعر شراء الدولار لتسليم الحوالات أكثر من مرة مؤخرا، لكنها ظلت أقل من سعر السوق السوداء، وكان آخر تعديل على سعر الدولار في 13 نيسان/أبريل الماضي حيث وصلت إلى 2814 ليرة سورية.
وأواخر شهر نيسان/أبريل الفائت، أعلنت شركة “الهرم” للصرافة، اعتمادها سعر صرف السوق السوداء، في التحويلات المالية، التي تصل إلى السوريين من خارج البلاد، وبهذا القرار تكون الشركة، قد خالفت قرار البنك المركزي السوري.
ومن خلال القرار الذي اتخذته الشركة، اتضحت المفارقة التي توحي بمدى حاجة الحكومة السورية للقطع الأجنبي، إذ أعلنت الشركة عن سعر صرف “دولار الحوالات” المالية الخارجية الآتية إلى سوريا، بـ 3950 ليرة سورية للدولار الواحد.
قرار الشركة برفع سعر صرف دولار الحوالات، هو الثاني خلال شهر رمضان الفائت، إذ في مطلع شهر رمضان، حددت الشركة “الهرم” سعر الصرف أقل بـ 500 ليرة، عن السوق السوداء.
لكنها ومع انتهاء الشهر، وبدء المغتربين بإرسال الحوالات، بدأت “الهرم” ترفع هذا السعر في قفزات متتالية، وصولا إلى السعر المحدد من جانبها، أواخر الشهر الماضي، والذي هو أعلى من السعر الرائج في السوق السوداء بـ 60 ليرة على الأقل.
وهنا يجدر القول بأنه من الممكن اعتبار شركة “الهرم” بمثابة مؤسسة شبه رسمية، كونها تنفذ توصيات المصرف المركزي والجهات النافذة في الحكومة السورية، وبالتالي توجه التجار لشراء القطع الأجنبي من الشركات المرخصة، مثل “الهرم”.
المصدر : طيف بوست + الحل نت
تساعدك أداة محول العملات على تحويل قيمة أي عملة إلى أي عملة أخرى.